IMLebanon

ربط «النووي» الإيراني بالبرنامج الصاروخي

 

خلال الجدل الذي دار قبيل أن يقرر الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن يفرض أو لا يفرض عقوبات على إيران، وحول ماذا عليه أن يفعل تجاه الاتفاق النووي مع طهران، كان الموضوع الرئيسي هو هل وكيف سيتم ربط برنامج الصواريخ الإيراني بالاتفاق النووي.

من وجهة نظري الشخصية، حيث تعاملت مع هذا الموضع منذ زمن طويل، أعتقد أن هذه المشكلة يمكن أن تحل بسهولة إذا نوقشت بعقلانية، وتم مراجعتها بغض النظر عن الشؤون السياسية والاقتصادية.

في البداية فإن الخطر النووي ليس موضوعاً مستقلاً بحد ذاته، وإنما له صلة بأسلوب إرسال أو قذف قنبلة نووية. فمنذ بدء العصر النووي، حيث قذفت قنبلتان نوويتان على ناغازاكي وهيروشيما في اليابان، كان موضوع كيفية قذف القنبلة النووية هو الموضوع الرئيس والأهم، حتى قبل أن ينطلق المشروع الأميركي المسمى «مانهاتن» في صحراء نيفادا كان موضوع نظام القذف هو الجزء الرئيسي من المشروع.

كيفية إيصال أو قذف السلاح إلى الهدف المنشود، وتفجيره بنجاح، هو موضوع جزء لا يتجزأ من المشروع النووي. كيفية إصابة القنابل الهدف الأخير وهو مرتبط بشكل تصميمها وبنيتها. كما أنه بالنسبة للناس الذين يتعرضون للتدمير لا فرق إن كان الدمار من خلال الصواريخ الباليستية أو النووية.

إيران، من خلال حلفائها وجماعات الضغط، أقنعت بمهارةٍ إدارة أوباما للفصل بين القضية النووية وقضايا أخرى، مثل تطورات الصواريخ الباليستية الإيرانية. والآن بات من الواضح لماذا تصر إيران على أن الاتفاق النووي غير قابل للتفاوض، لماذا؟ والجواب هو حتى تكون يدها مفتوحة في تطوير برنامجها الصاروخي. وليس من قبيل الصدفة، وفي نهاية العشر سنوات بعد إبرام الاتفاق النووي، أي عندما تحرر إيران منه، ستكون قد عززت نطاق صواريخها الحالي البالغ 3000 كيلومتر إلى أكثر بكثير، وربما سيصل مدى صواريخها الباليستية العابرة للقارات إلى 6400 كيلومتر.

وبما أن الاتفاق النووي سمح لإيران بالقيام بالبحوث النووية على أراضيها، فإنها ستمتلك قنبلة، لأنها تمتلك التقنية اللازمة لذلك ولديها أيضا نظام قذف صاروخي جاهز.

ولهذا السبب من المهم جداً أن يحدث ما يصر ترمب على حدوثه في الجولة المقبلة من قراره بخصوص التمديد في مايو (أيار)، وهو ما يصر وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف عليه، والقاضي بأن خطة العمل الشاملة المشتركة للاتفاق النووي غير قابلة للتفاوض، وأن إيران لن تقبل بأي تغييرات في الاتفاق، لا الآن ولا في المستقبل. إيران مدركة تماماً ضرورة التنمية المتزامنة التي تشمل بحوثاً متقدمة تسمح بها خطة العمل الشاملة المشتركة للاتفاق النووي، وعدم وجود قيود على تطويرها للصواريخ، لذلك لا عجب أن تقول إيران إنها «لن تتخذ أي إجراء يتجاوز التزامها».

إن رفض الاتحاد الأوروبي اقتراح الرئيس ترمب بسبب الشهية الاقتصادية الأوروبية، وهرولة الأوروبيين وراءها ما يجعلهم لا يصرون على ربط خطة العمل المشتركة بالبرنامج الصاروخي، ولكن عاجلاً أم آجلاً فإنهم هم وحلفاؤهم في حلف الأطلسي، سيكونون تحت رحمة نطاق الخطر الصاروخي الإيراني.

إن خطر كوريا الشمالية حالياً ليس بسبب امتلاكها الأسلحة النووية، بل الخطر يكمن في امتلاكها صواريخ باليستية عابرة للقارات، مما يمكنها من استهداف مناطق واسعة بالرؤوس النووية. على سبيل المثال رغم أن باكستان لديها أسلحة نووية، لكنها مخصصة لخلق توازن استراتيجي رادع مع الهند، وأنظمة القذف لديها مخصصة لهذا الغرض.

وبما أن إيران ليس لديها في سلاحها الجوي قاذفات استراتيجية بعيدة المدى، أو صواريخ باليستية ذات رؤوس نووية تطلق من الأرض، أو الغواصات المخصصة لهذا الغرض، فإنها تهتم ببرنامجها الصاروخي، وتعمل بجهد كبير لتطويره.

وليس من قبيل المصادفة أن تتمكن إيران من تعزيز نطاق صواريخها في الوقت الخاص بفترات ما يسمى «شرط الغروب»، التي تمتد إلى 10 سنوات، أي 7 سنوات من الآن. ومن ثم سوف تتمكن في أسابيع من تجميع وإنتاج قنبلة نووية والصاروخ الجاهز لقذفها، خصوصاً أن إيران لا تتردد في تزويد ميليشياتها في المنطقة بالصواريخ الباليستية، الأمر الذي يتعارض مع مبدأ منع انتشار الصواريخ الباليستية.

وبمساعدة روسيا والصين وكوريا الشمالية، يمكن للصواريخ الإيرانية أن تحمل بسهولة رؤوساً نووية متعددة، نحو 30 متراً الطول مع 3000 كيلو، خصوصاً أن قنبلة «الولد الصغير السمين»، التي أسقطت على هيروشيما وناغازاكي كانت تزن 4400 كيلو غرام، وكان طولها أقل من 10 أمتار.

لذلك، فمن الضروري أن يتم الربط بين الاختبارات والتطورات الصاروخية، وخطة العمل الشاملة المشتركة للاتفاق النووي، في الجولة المقبلة من تمديد الاتفاق في شهر مايو.