تحوّلت مهام الجيش العديدة والحساسة.. من حفظ الأمن إلى مكافحة الإرهاب إلى ضبط الحدود.. والعديد غيرها، إلى رحلة محفوفة بالأخطار في حقل ألغام، إذا ما قام بأية خطوة ناقصة، انفجر اللغم به وبالوطن كله!
مما لا جدال فيه، أن الجيش بات المؤسسة الرسمية الشبه وحيدة التي تحظى بإجماع وطني، وقضية مكافحة الإرهاب وتحرير العسكريين هي قضية وطنية بامتياز! ولكن اللغم هنا يكمن في زج طائفة كاملة تحت مظلة الإرهاب، فيتحول ظلم ذوي القربى أبناء الوطن وخزان مؤسساته البشري إلى مشاريع متطرفة، أو إرهابية مستقبلية. فمن غير الجائز أن نكون نحن والزمن على أهالي المناطق المهمشة، التي نستها مشاريع الدولة الإنمائية، وعندما تذكرتها ألصقت تهمة الارهاب بأبنائها يمنة ويسرة، فأخذت الصالح بعزاء الطالح، مما يمكن أن يحوّل أهالي هذه المناطق إلى جماعات ثائرة ضد عدوها الجديد، ألا وهو الدولة!
وللجيش والقوى الأمنية مطلق الدعم في ملاحقتهم للارهابيين في وكورهم، وإلقاء القبض على الخلايا النائمة أو الناشطة على حدّ سواء.. ولكن من الخطورة حذو دول شقيقة كانت تلمّ كل من تقع يدها عليه في الشارع، بتهمة التآمر على الدولة، وتزجه سنوات طويلة في السجون من دون محاكمة، أي لأجل غير مسمى، فيصبح في عداد المفقودين في غياهب سجون الدولة والتي تحولت من مكان للإصلاح إلى مكان للتخريب وبؤر فساد يحكمها أسيادها!
لقد كانت النتيجة واضحة في دول الربيع العربي، حيث تحوّل الشعب بأسره إلى «مرتزقة» لمجرد انهم نادوا بالعدالة وبرفع الظلم، وبات الحاكم بلا رعية، أو بأفضل الأحوال، انخفض عدد رعيته إلى ما دون النصف.. وتشوّه مفهوم المواطنية، وبات الوطن برمته على شفير الهاوية!
أما دعم الجيش بالمواقف والتصريحات الرنانة، أو بالكواليس من خلال الأجهزة في محاولات لوضعه في موقع المواجهة مع طائفة أو منطقة، إنما هي محاولات سوف تبوء بالفشل، لأنه بات من الصعب الاستخفاف بعقول اللبنانيين، ومن أراد دعم الجيش فعلاً، وليس قولاً، فليضع قدراته العسكرية تحت إمرته ويعيد الوحدة المفقودة إلى الوطن، شعباً ومؤسسات، فيعود القرار إلى حيث يجب أن يكون، وتتكاتف الجهود في مواجهة الإرهاب، كل الطوائف وكل المناطق تتصدى تحت لواء الدولة والمصلحة الوطنية، مفوتين الفرصة، على ذوي النوايا المشبوهة لاستثمار أي خلاف، وتحويله إلى مشروع فتنة، نعرف كيف تبدأ.. ولا نعرف كيف خواتيمها.. سعيدة ستكون أو مأساوية!