Site icon IMLebanon

حصة الاسد رئاسة الجمهورية… فماذا عن حصة السعودية في الحكومة؟

لماذا يُسوّق «تيار المستقبل» للصديق الشخصي للرئيس السوري بشار الاسد والحليف السياسي لـ«حزب الله»، لرئاسة الجمهورية، بعد عامين من التعطيل والتعطيل المضاد؟، وهل تغيرت الاستراتيجية السعودية في المنطقة، بمقايضة موقع الرئاسة بحكومة يكون لها فيها حصة الاسد؟، ام ان سوق البازار الرئاسي قد فُتح؟، وبالتالي فان المناورات السياسية ستكون مفتوحة على كل الخيارات.

ترى اوساط سياسية متابعة، ان كل المؤشرات المكشوفة والمبطنة التي تحفل بها منطقة الشرق الاوسط، وبخاصة تلك المتعلقة بالحرب الدائرة في سوريا، في ضوء التعقيدات التي طرأت فيها، بعد «الطعنة في الظهر» التي وجهتها تركيا لروسيا التي انبرت وبصورة فاجأت العالم لتقدم نموذجا صارخا في الجدية لمواجهة القوى الارهابية التي باتت تشكل خطرا ليس فقط في المنطقة بل في قلب عواصم الدول العظمى.

والمؤكد ان من فتح الشهية لدى «تيار المستقبل» في الخروج من الازمة، والشروع في حلحلة في ملف رئاسة الجمهورية وتاليا الوصول الى حكومة فاعلة ستكون برئاسته، هي الدعوة التي اطلقها امين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله في «يوم الشهيد»، الى تسوية شاملة وجامعة.. ثم عاد السيد وقدمها بقالب جديد في خطاب اعقب تفجيري برج البراجنة الارهابيين، والذي لاقى ترحيبا غير معهود من قبل الرئيس الحريري وقوى الرابع عشر من آذار.

نقاط كثيرة يمكن ان تربحها القوى السياسية الموزعة على معسكري 8 آذار و14 آذار، تؤكد الاوساط، ومنها وصول صديق لسوريا وحليف لـ «حزب الله» الى رئاسة الجمهورية، على الرغم من الاشكالية التي قد تظهر لدى التيار الوطني الحر ومصير رئيسه العماد ميشال عون، واضعاف الحلف الخصم لـ «حزب الله» من خلال اخراج كتلة الرئيس السابق للجمهورية ميشال سليمان المؤلفة من ثلاثة وزراء يتناغمون بالكامل مع التكتل الوزاري لقوى 14 آذار، وكسب «تيار المستقبل» حكومة برئاسته وبحصة وازنة، فيما احجام واوزان القوى السياسية تبقى على حالها، مع جوائز ترضية للنائب وليد جنبلاط.

وتقول الاوساط: ان تحريك الماكينة السياسية الخاصة بملف انتخاب رئيس للجمهورية، يأتي بالتزامن مع جملة من التطورات، لعل ابرزها التطورات المتعلقة في الساحة السورية، والتوغل العسكري الروسي لضرب التنظيمات الاسلامية الارهابية التي تقاتل النظام، وهي تنظيمات تحظى برعاية دول عربية واقليمية، من بينها تركيا والسعودية، وبالتالي، فان الحسابات السعودية المقلقة في النجاحات العسكرية الروسية التي حصنت موقع الرئيس السوري بشار الاسد، والاهم تظهير مستوى التحالف القائم بين روسيا وايران التي تحولت الى دولة «مزعجة» في المنطقة، وفق الحسابات السعودية والقطرية والتركية، بتكريس الشركة في الحرب على الارهاب ودعم النظام السوري، وهو ما خرج من اللقاء التاريخي الذي جمع مرشد الجمهورية الايرانية الامام السيد علي الخامنئي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لقاء اعاد الجميع امام حساباتهم على الساحتين السورية والاقليمية، فهل من ضمن الحسابات اجراء مقايضة بين رئاسة الجمهورية وحكومة ذات نكهة سعودية تُمسك بالقرار السياسي، للمساهمة في حصار الوجود العسكري الروسي في سوريا وعند التخوم اللبنانية، وتحويل الساحة اللبنانية الى ساحة مزعجة للميدان العسكري الروسي، في حال كانت هذه الساحة حاجة روسية(؟).

وتلفت الاوساط الى ان ما قاله الرئيس الاميركي لرئيس الحكومة في عيد «الاستقلال» بان «الآن الوقت المناسب لانتخاب رئيس» يعزز الاعتقاد بان قرار اخراج لبنان من ازمته الرئاسية والحكومية قد اتخذ على مستوى المعسكر الاميركي ـ السعودي، للذهاب نحو التسوية، لتدراك اخطار الفراغ الرئاسي والتعطيل الحكومي، وهو بالتأكيد يرتبط بالتطورات والمستجدات التي طرأت مؤخرا، والمرشحة لادخال المنطقة في مرحلة ما تزال ضبابية، لكنها آخذة نحو المزيد من التعقيد والتأزم على المستويين السياسي والعسكري، ولبنان سيكون ساحة تطمح الادارة الاميركية لان تكون موطىء لخوض الكباش مع روسيا.

ربما بات الجميع على قناعة، في رأي الاوساط، بأن يقوم الرئيس الحريري بـ«لملمة» الشارع السني، والشروع بملء الفراغ في ساحة تعاني منذ اندلاع الحرب على سوريا، من تغلغل اسلامي متطرف يتطور في كثير من الاحيان، ليصل الى حالة ارهابية غالبا ما تنخرط في اجندة المنظمات الارهابية التي تقاتل في سوريا وتفجر في لبنان، تشير الاوساط الى ان دخول «تيار المستقبل» في التهدئة بدأت معالمها واضحة عند الرئيس سعد الحريري الذي ما زال يمثل المفتاح السياسي للسعودية في لبنان، وتقول ان الحريري بدأ العمل على ادخال التحسينات اللازمة في الجسم السياسي والنيابي والوزاري لـ «تيار المستقبل»، بما يتلاءم مع المرحلة الجديدة، وهو اضطر الى إجراء اتصالات ساخنة مع الرؤوس الحامية في المستقبل، ومنهم وزير العدل اشرف ريفي الذي سمع كلاما قاسيا من الرئيس الحريري الذي طلب الاقلاع عن مواقف التشنج والتصعيد، وعلى خط آخر تحركت الماكينة الحريرية لتدارك اي تصدعات في جسم قوى 14 آذار، قد تحدثها لقاءات الحريري ـ فرنجية الباريسية، في ضوء «النقزة» القواتية و«رجفة» من المستقلين الاذاريين الذي راهنوا على حظوظ في الملف الرئاسي، والحقائب التي سيحزمها «زعيم» الامانة العامة لهذه القوى فارس سعيد للسفر، في حال وصل النائب سليمان فرنجية الى فصر بعبدا، رسمت حجم الذهول الذي اصيب بها حلفاء الحريري.

مشهد الخروج من الازمة الرئاسية سيتوضح اكثر في المقبل من الايام، ولعل المسار الذي ستتخذه المواجهة الساخنة بين روسيا وتركيا هو الذي سيسرع او يؤجل البت بها.