IMLebanon

تصفية الحلقة الأقوى بين الأسد واغتيال الحريري

«عشرة عبيد صغار» النظام: بعد غزالي يبقى سليمان

تصفية الحلقة الأقوى بين الأسد واغتيال الحريري

تميّز حلول الذكرى السنوية العاشرة لانسحاب جيش النظام السوري ومخابراته من لبنان بالإعلان عن وفاة أبرز رموز تلك الحقبة، اللواء رستم غزالي (مواليد العام 1953).

ويأتي إعلان هذه الوفاة، بعد أنباء مؤكدة عن تنفيذ خطة لاغتيال غزالي، بالتزامن مع صعود نجمه في المحاكمة الغيابية التي تجريها الغرفة الأولى في المحكمة الخاصة بلبنان لخمسة فارين ينتمون للجهاز الأمني في «حزب الله»، إتهمهم الادعاء العام بالإشتراك والتدخل في تنفيذ جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

ويعتبر غزالي، في العلم الجنائي، الحلقة الأساسية والأبرز التي يمكن أن تربط مسؤولية رئيس النظام السوري بشار الأسد بالجريمة، خصوصا بعدما ظهرت وثائق يعتقد بأنها تجسر الهوة الجنائية التي تفصل نظرياً المنفذين الميدانيين بالأسد مباشرة.

وطلب الادعاء العام من غرفة الدرجة الأولى في المحكمة الخاصة بلبنان القبول بمستندات تتضمن تحليلا لتواصل مباشر بين هاتف بشار الأسد الذي استخرج من قائمة هواتف اللواء المتقاعد جميل السيد وبين بعض المتهمين بتنفيذ جريمة اغتيال الحريري.

وقبيل خروجه من لبنان في إطار استكمال الانسحاب السوري الناجز، تلقى غزالي من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله هدية تقديرية للأدوار التي لعبها في لبنان سمّيت «بندقية المقاومة».

وكان غزالي يتربع سعيدا على رأس واحد من أبرز أجهزة النظام السوري الأمنية، حتى دخلت «محكمة لبنان» في مرحلة الدافع السياسي لجريمة اغتيال الحريري، حيث برز الدور الرائد الذي لعبه غزالي، بصفته الممثل الشخصي للأسد في لبنان. 

وبالإضافة الى ما رواه الشهود عن أدوار غزالي في ابتزاز الحريري وتوجيه التهديدات له، وكان آخرها يوم السبت الذي سبق جريمة الإغتيال بيومين عبر الشهيد يحيى العرب، بثّ الادعاء العام، تسجيلا للقاء جمع الحريري في مكتبه في قصر قريطم بغزالي بحضور الصحافي شارل أيوب، في إطار محاولة من أيوب لإصلاح العلاقة المتدهورة إلى حدّ العدائية بين الحريري من جهة وبين الأسد من جهة أخرى. 

وبالفعل، فمنذ تصدّر إسم غزالي أجواء المحاكمة، مع أولى إفادات الدافع السياسي التي قدمها النائب مروان حماده، بدأت مرحلة إنهاء المكنّى بـ»أبو عبدو».

كانت البداية، مع إقدامه على تفجير قصره الفخم في مسقط رأسه في قرية قرفا في مدينة الشيخ مسكين، في ريف درعا.

تنوّعت التفسيرات حول هذا الحدث، ولكنّ التوقيت وحده كان كفيلا بشرحه، إذ إنه حصل في ظل توتر النظام الأسدي مما تكشفه وثائق «محكمة لبنان» وشهودها. 

ومع تقدم الإفادات في تقديم مزيد من المعلومات للمحكمة عن الأدوار التي لعبها لمصلحة بشار الأسد ضد الرئيس الشهيد رفيق الحريري، كان لافتا إدخال رستم غزالي إلى مشفى الشامي في دمشق.

يومها، ادعى النائب عاصم قانصوه أنه زار صديقه في المشفى وتبين له أنه أصيب بشظية قنبلة وهو يقاتل «دفاعا» عن درعا، وأنه بصحة جيّدة، لكن أوساط المعارضة السورية جزمت بأنه تعرض للضرب من حامية مسؤول أمني سوري آخر يدعى رفيق شحاده.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن الخلاف بين رئيس شعبة المخابرات العسكرية اللواء رفيق شحاده ورئيس شعبة الأمن السياسي العميد رستم غزالي سببها اعتراض الثاني على الهيمنة الإيرانية في كل من درعا والسويداء.

إلا أنه مع إعلان وفاة غزالي، جزم مصدر وصف بأنه واسع الإطلاع بالرواية التي تحدثت عن أن غزالي جرى اغتياله بواسطة حقنة .

وذكر المصدر أن عائلة غزالي تمكنت قبل أسبوع من «تهريب» عيّنة من دمه إلى مستشفى لبناني «مرموق» لفحصها. ونتيجة للفحص المخبري ظهر في دم رستم «آثار لمادة سامة مركبة روسية الصنع، قاتلة ببطء.»

وأوضح أن السم المركب ليس سماً طبيعياً، بل هو من السموم التي تنتجها مختبرات عسكرية- مخابراتية نتيجة تجميع وخلط عناصر مكونة متعددة، لافتاً إلى أن هذه النوعية من السموم «تستخدمها عادة أجهزة مخابرات لتنفيذ عمليات موت بطيء كي يختفي أثر السم بعد موت الضحية، ولا يظهر في أي عملية تشريح.

وشدد على أن عيّنة دم رستم أرسلت «قبل موته بأسبوع، وظهرت آثار ضئيلة للسم فيها.»

ويعتبر غزالي رابع أهم شخصية ورد اسمها في لائحة المشتبه بهم باغتيال الحريري تجري تصفيتها، بعد اللواء محمد سليمان المسؤول الأمني لدى بشار الأسد ومنسق شؤون التعاون مع عماد مغنية ( في العام 2008) وآصف شوكت( في العام 2012 ) وجامع جامع ( 2013).

ويبقى اللواء بهجت سليمان على قيد الحياة، وهو انتقل من الأمن الى الدبلوماسية بتعيينه، على إثر الشبهات بدوره في اغتيال الحريري، سفيرا لسوريا في الأردن.

وبإعلان وفاة غزالي، تكون قد جرت محاولة لتصفية آخر حلقة يمكن أن تربط مسؤولية بشار الأسد باغتيال الحريري. 

وكانت قد سرت معلومات عن أن غزالي وقبل تعرضه لخطة قتله قد تحدث عن إمكان كشف أسرار يملكها عن اغتيال الحريري.

وهذه المعلومات حملها أشخاص على صلة وثيقة بغزالي إلى شخصيات لبنانية مرموقة كما إلى بعض الدبلوماسيين الغربيين العاملين في لبنان.

ويشبه مراقبون الظروف التي تمّت فيها تصفية غزالي بالظروف التي سبق وأدت الى تصفية اللواء غازي كنعان، الذي كان يحتمل أن يكون «شاهدا ملكا» في ملف اغتيال الحريري.

وثمة من يعتقد بأنه في سوريا، ومنذ اغتيال الحريري، تجري «سورنة» رائعة آغاتا كريستي: عشرة عبيد صغار!