IMLebanon

جريمة تدهور الليرة: أين المسؤولون؟  

 

 

بداية أود أن أشير إلى أنني لست خبيراً مالياً أو اقتصادياً.

 

فقط أنا مواطن لبناني يعاني، مثل سائر عباد الله اللبنانيين، أو أكثريتهم المطلقة، من هذا الإنفلات الكبير للدولار من عقاله، ما انعكس حالاً من العسر الشديد على الناس الذين يكافحون أصلاً في سبيل  لقمة العيش بكرامة فتهرب منهم. حتى عندما كان الدولار مضبوطاً بالتداول بين العامّة عند ألف وخمسماية ليرة لم تكن مداخيل الناس العاديين تكفيهم أكثر من عشرة أيام في الشهر. ذلك أن تكاليف الحياة كانت أكبر بكثير من قدراتهم الشرائية.

 

وهذا  الإنهيار السريع، والأسرع، والأشد سرعة، يومياً، ليس طبيعياً. فما الذي يتغيّر بين ليلة وضحاها (بين كل ليلة وضحاها) حتى يرتفع الدولار، على حساب العملة الوطنية بمقدار كبير؟ وهو الذي وصل، أمس، إلى ألفين وثلاثماية ليرة… والمؤشرات كلها تفيد بأنه إلى المزيد من دون أي ضابط مالي… وبالطبع من دون أي ضابط أخلاقي!

 

تحدث، أمامي، مرجع قضائي كبير، عن تقصير فادح وفاضح في موقفي السلطتين السياسية والقضائية. وسأل: أليس ما يحدث في هذا السياق جريمة موصوفة؟ أليس إنحسار المداخيل (وكثيرون من اللبنانيين مرتباتهم عند الحد الأدنى للأجور – 750  ألف ليرة) هو ظلم واضح بحق الناس الذين لا حول لهم ولا طول؟

 

فمن يوقف هذه الجريمة الموصوفة؟!

 

الصرّافون أعلنوا الإضراب اليوم، أي إننا نعرف على الأقل، أن الدولار لن يرتفع، اليوم، إلى 1400 ليرة، ولكن ماذا عن يوم غد عندما ينتهي الإضراب؟!

 

والسؤال: ماذا يمنع الرئيس ميشال عون والرئيس سعد الحريري أن يعقدا إجتماعاً للوزراء المعنيين؟! علماً أنه ليس هناك ما يحول دون إجتماع رسمي أو غير رسمي، للحكومة مجتمعة للتداول في هذا الموضوع الخطر جداً جداً؟

 

وماذا يمنع رئيس الجمهورية أن يحرّك النيابية العامّة ضدّ المجرمين أكانوا في قطاع الصيرفة أو في قطاعات أخرى؟

 

علماً إن فخامته يترأس اليوم، إجتماعاً موسعاً للبحث في هذه المسألة؟

 

وأيضاً ماذا يمنع رئيس الحكومة المستقيل أن يأخذ هكذا قراراً؟

 

ثم ماذا يمنع وزير العدل أن ينحو هذا المنحى؟!

 

وماذا يمنع وزير العدل أن يبادر في هذا المجال؟!

 

ومن ثم ماذا يمنع مدعي عام التمييز أن يبادر، فيتحرك تلقائياً؟

 

وهذا في صلب صلاحياته ودوره ومسؤوليته؟!

 

فعلاً إننا نترحم على الجمهورية الأولى… ولا نود أن نعقد مقارنات. فقط نذكّر بأنه في خلال حرب السنتين إرتفع الدولار نحو ثلاثة قروش (فقط ثلاثة قروش) من ليرتين وخمسة وستين قرشاً إلى ليرتين وثمانية وستين قرشاً… وكان يتعذر إجتماع الحكومة جراء الوضع الأمني المتدهور، فبادر رئيس الجمهورية المرحوم سليمان فرنجية إلى الإتصال  برئيس الحكومة الشهيد المرحوم رشيد كرامي وتباحث وإياه في هذا الوضع تداركاً لتداعياته وطلب منه أن يبحث الأمر مع وزير المالية وإتخاذ «الإجراءات كافة الكفيلة بضبط سعر الدولار»!

 

سقى الله ذلك الزمان!