IMLebanon

«لائحة الإنماء» ـــ زغرتا: لسنا بلدية ظلّ!

تميزت الانتخابات البلدية في قضاء زغرتا بـ«دينامية» سياسية خلقتها «لائحة الإنماء» المؤلفة من أشخاص ناشطين في المجتمع المدني، حرموا لائحة التوافق السياسي لذّة الفوز بالتزكية. الرحلة بالنسبة إلى هؤلاء لم تُختتم مع انتهاء «البلدية». هم سيواكبون عمل البلدية إنمائياً، مع بحث إمكانية خوض الانتخابات النيابية

مفاعيل الانتخابات البلدية لم تنتهِ مع إعلان النتائج في المحافظات اللبنانية. هو لم يكن مجرد استحقاق، بالنسبة إلى الأشخاص الذين قرروا مواجهة أحزاب السلطة أو قوى الأمر الواقع في مناطقهم. في بعض الأحيان كانت لائحة، ما اصطُلح على تسميته «مجتمعاً مدنياً»، تطرح نفسها كتجمع إنمائي، «مُترفع» عن السياسة، وكأن الجمع بين الجانبين أمر مُحرَّم.

لم يكن تشكيل لائحة «بيروت مدينتي»، التي تحولت إلى بلدية ظلّ للمجلس البلدية الحالي، مُستغرباً في بيروت، المدينة والعاصمة. اتساع كرة الثلج لتشمل مدناً أخرى، أوحى بأنّ حراكاً من نوع آخر بدأ يتبلور في المجتمع. «لائحة الإنماء. اللائحة المستقلة لخدمة زغرتا ــ إهدن»، نموذجاً. لائحة غير مكتملة، تضم 17 عضواً قرروا في شهر آذار تنظيم الصفوف «من أجل تقديم مشروع إنمائي لزغرتا»، كما صرحوا سابقاً. لم تكن معركتهم سهلة، وهم يُعَدّون «خوارج» في مجتمع تقليدي اعتاد «تأليه» زعماء البيوتات السياسية. النتيجة كانت أن حصل رئيس «لائحة الإنماء» مخايل الدويهي على ٢٥% من الأصوات (٢٢٢٦ صوتاً من أصل ٨٨٣٦ مقترعاً)، ومُعدل اللائحة بلغ قرابة الـ20%. هذا «الخرق» في زغرتا، دفع أعضاء اللائحة والأشخاص الذين يدورون في فلكها إلى الاستمرار في العمل.

توضح عضو لائحة الإنماء مارينا عريجي، بدايةً، أنّ «لائحة إنماء زغرتا لم تكن خياراً بلدياً فقط. هي هدفت إلى التغيير على المستويات كافة. هذا هو خيار المجتمع المدني في زغرتا وليس مُجرد انقلاب نفذناه». وحتى لو كان الأشخاص الحاكمون «جيدين، فإن النظام أصبح قديماً». ليس هذا بالضبط ما يقوله عضو اللائحة أنطوان يمين. «نحن كنا ناشطين في المجتمع المدني، قررنا أن نخوض الانتخابات البلدية تحت شعار الإنماء». كان على أساس أن «تنتهي مع انتهاء البلدية. ولكن بعد أن تكونت المجموعة، أحببنا أن نُكمل ونُحول اللائحة إلى جمعية ونقوم بمشاريع إنمائية». الجمعية غير الحكومية ستحمل اسم «زغرتا Forward»، كما تُخبر عريجي. أول المشاريع سيكون بالتعاون مع حركة شباب زغرتا الزاوية «التي تُنظم سوقاً للتفاح لمدة ثلاثة أيام نهاية الأسبوع الجاري». ويكشف رئيس اللائحة مخايل الدويهي عن مشروع ثانٍ ستقوم به جمعيته «مؤسسة الخير والإنماء» وهو افتتاح بيت ثقافي في زغرتا.

ستطلب «لائحة الإنماء» موعداً من البلدية في تشرين الثاني لعرض ملف المخالفات عليها

بعد انتهاء الانتخابات البلدية، استأنفت «لائحة الإنماء» اجتماعاتها، وهي تتهيّأ لإعلان «الهيكلية الجديدة التي ستواكب المرحلة المقبلة وستنقسم إلى ثلاثة محاور»، يقول دويهي. الأول «يتعلق بمتابعة نشاطات البلدية، التي نُقدر أنها تضم أفراداً أفضل من الذين كانوا في العهود السابقة. حالياً سنعطيهم فترة ستة أشهر من أجل أن يُقدموا برنامجاً بما قاموا به، وإلا فسنُسائلهم». المحور الثاني، هو «تكثيف النشاط الإنمائي وعمل المجتمع المدني». أما المحور الثالث فسياسي، بعد أن «أبدى قرابة 25% من الزغرتاويين رفضهم للأداء السياسي في القضاء. ندرس إمكانية التحرك على هذا الصعيد ولدينا اجتماعات دائمة لهذه الغاية».

هذا «الرقم» الذي يدعي دويهي أنه يتعاطف مع «لائحة الإنماء»، ينفيه الفريق الآخر في زغرتا المُعارض لهؤلاء. تقول مصادره إنّ «هؤلاء الأشخاص يقومون بنشاطات عادية، ولكن لا نشعر بوجود كتلة شعبية تتعاطف معهم». يبدو كلام المصادر متوقعاً وهم يتحدثون عن «خصمٍ» تجرأ على منافستهم في مجتمع يضع الزعيم بمرتبة عالية. توضح المصادر أنّ «الأسماء التي تشكلت منها اللائحة ليست لامعة في زغرتا، على العكس مثلاً من حركة الوعي التي تأسست في السبعينيات وضمت أسماءً مميزة مثل جبور دويهي وأنطوان دويهي». هناك نقطة أيضاً، تُسجل «ضدّ الشباب وهي أنهم لا يوجَدون دائماً في المنطقة، والبعض منهم يدور في فلك 14 آذار». أما نسبة الأصوات التي حصلوا عليها، فسببها «وجود حالة رفض للوضع القائم في زغرتا لا نُنكرها وأصوات اليسار التي صبّت في مصلحة لائحة الإنماء. ولكن ليس بسبب حالة خاصة كوّنوها».

يردّ أحد الفاعلين في «لائحة الإنماء»، الذي رفض الإفصاح عن اسمه، على «تُهمة» أنهم مجموعة من الأفراد الذين يدورون في فلك فريق 14 آذار وليسوا ممثلين للمجتمع المدني، كما يقولون، بالنفي: «أبداً! نحن لسنا 14 وفي الوقت عينه لسنا 8 آذار». ولتأكيد ذلك، يقولون إنه «في الحقيقة ممثل 14 آذار رئيس حركة الاستقلال ميشال معوض زوجته عضو في اللائحة الرابحة. نحن مجتمع مدني مستقل».

الترشح إلى الانتخابات النيابية المُقبلة لم يُحسم بعد. لا يبدو الموقف من هذا الاستحقاق موحداً بين أعضاء «لائحة الإنماء»، فلكل منهم مقاربته. فيما يوحي كلام دويهي أن الأمر غير مُستبعد، يرى أنطوان يمين أنّه «ليس واضحاً إذا كانت ستجري الانتخابات أو لا». يُحاول يمين حصر تحرك هذه الجماعة بالشق الإنمائي. هل هذه وسيلة لعدم استفزاز العائلات التقليدية في زغرتا؟ يردّ بأنه «واجهنا في البلدية ولا مُشكلة لدينا في المواجهة مستقبلاً. إذا وجدنا أن العمل السياسي يُفيدنا فسنقوم به. ولكن فعلاً الأمور غير واضحة».

منسق اللجنة والأستاذ الجامعي ميشال دويهي يُشدد أيضاً على الهوية الإنمائية للائحة، دون أن ينفي «درس الخيارات للانتخابات النيابية، إما ترشيح أحد الشبان أو الشابات أو دعم ترشيح أحدهم»، قبل أن يوضح أنهم ليسوا ضد «العائلات ولكن ضدّ نهج عمل معين». هذا النهج الذي أنتج تركيبة بلدية قائمة على «فريق غير متجانس محكومين بتوافق هشّ، والدليل على ذلك الخلافات التي تحكم توزيع اللجان داخل المجلس البلدي. هي بلدية تحاصص سياسي وسيظهر ذلك في النيابة».

في تشرين الثاني، أي بعد مرور ستة أشهر على الانتخابات البلدية، «سنطلب موعداً من البلدية لنعرض عليها الملفات التي قمنا بجمعها عن عملها، وهي كثيرة»، يقول ميشال دويهي. السبب أنه «لا نريد أن ننتقد لمجرد الانتقاد»، استناداً إلى مارينا عريجي. كذلك «من غير الأخلاقي أن نرفع صوت الاعتراض ولم تمرّ 3 أشهر على الانتخابات»، يوضح أنطوان يمين، مؤكداً أن «البلدية بلديتنا ونحن نكنّ لأعضائها كل الاحترام ونتمنى لهم النجاح، ولكن لن نسمح بأن تُرتكب الأخطاء مثلما كان يحصل سابقاً». ولكن، ذلك لا يمنع أن تكون «لائحة الإنماء» قد تحركت في أمور بسيطة، كأن «نوقف مشروع وضع مولدات كهرباء على أطراف محميّة حرش إهدن»، أو الاعتراض على تعرفة المولدات المرتفعة والشحّ الذي تعانيه إهدن على صعيد المياه.

كل ذلك لا يعني أن هؤلاء يُشكلون بلدية ظلّ، بالنسبة إلى يمين، التي ترى أنّ «الشعب هو الذي اختار وهو يتحمل مسؤولية قراره. نحن بإمكاننا فقط أن نُقدم ملاحظات بناءة». وفي وقت تقول فيه إنّ «قرارنا أن لا نكون بلدية ظلّ»، يؤكد ميشال دويهي العكس. يبدو أن الانقسامات لا تطاول لائحة «المحاصصة السياسية» فقط.