الكلام في السياسة شيء والحديث عن الواقع والوقائع على الأرض شيء آخر ومختلف كليّاً.
وعندما تسمع مرجعاً مسؤولاً، معروفاً بدقّته في الأحاديث والأفعال، يقول لك إنّ موعد لبنان مع رئيس للجمهوريّة لا يزال كغدٍ في ظهر الغيب تقع في الحيرة.
شهر، شهران، ثلاثة…
ربما أبعد، إلا إذا طرأت إيجابيّات دوليّة على إقليميّة على عربيّة. عندئذ يصير في الإمكان التحدّث بثقة عن مواعيد عدّة لاستحقاقات لبنانيّة وعربيّة.
صحيح أن دور الطامعين والطامحين والمشتهين يبرز الآن كأنه وحده يحول دون توصّل المرجعيّات، والقيادات، والجالسين في الفيترينات، إلى تفاهم على رئيس توافقي، أو أيّ رئيس للجمهوريّة، إلا أن مصدر التعطيل الفعلي لا يزال “الخارج” نفسه.
ولأسباب شتّى، تشمل الحروب العربيّة بكل أسمائها وتوجّهاتها و”خلفيّاتها”، وما يستجدّ فجأة على الحدود مع إسرائيل مثلاً، وما يستتبع من تصريحات تهديديّة تفوق بمئات الأضعاف خطب البهورة والتهويل، محليّاً وإقليميّاً.
لبنان يشبه في وضعه الحالي مركباً تائهاً في محيط يهتاج من حوله، ولكن من غير أن يعرّضه للغرق… ومن غير أن يفسح له في مجال الإفلات من هذا الفخ والاتجاه صوب برّ الأمان.
هل من الضروري العودة هنا إلى تصريحات وآراء الرئيس نبيه برّي والرئيس تمام سلام، والرئيس فؤاد السنيورة، والنائب وليد جنبلاط، والناطقين باسم “حزب الله” أو “تيار المستقبل” أو “تيار التغيير والاصلاح”، وفي القضايا والأزمات والمعضلات إياها؟
وخصوصاً في ما يتّصل بدور المسيحيّين، أو الأصح فريق من المسيحيّين في تعطيل الانتخابات الرئاسيّة وانتشال الدولة والمؤسّسات والبلد من غابة التسيّب والفلتان؟
يكفي هنا أن نشير إلى ما قاله غبطة البطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير قبل عشر سنين بالتمام والكمال، وأعادت “النهار” نشره في عدد السبت الماضي، مثلاً: قد يأتي يومٌ يقوم فيه رئيس الحكومة مقام رئيس الجمهوريّة. وقد يتعوّد الناس تهميش الرئاسة. أما بالنسبة إلى الحوار بين المسيحيّين فعلى شيء من الصعوبة. وأقولها بكل بساطة، إن ما يخلف المسيحيّين (الموارنة) إنما هو المركز الرئاسي. كل السياسيّين منهم يشعرون أنهم أكفياء لشغل هذا المنصب.
أما العميد ريمون إده، فقد سبق البطريرك في تحميل رؤساء الجمهوريّة الموارنة مسؤولية انهيار لبنان: إذا كان لبنان ليس للموارنة، فينبغي أن يكونوا هم للبنان قبل غيرهم. لقد أَسمعتَ…