IMLebanon

محلية معركة لتحديد موقع لبنان الاقليمي

 

لبنان في محنة انتخابية، من حيث كان الرهان على فرصة مفتوحة لإحداث اختراق في التمثيل النيابي المغلق. ولا يبدّل في العمق ما على السطح من حيوية وزحام لوائح تجاوز المعتاد واندفاع في الترشح وتوسيع الخيارات نظريا أمام الناخبين. فكل أحلام الذهاب الى انتخابات على أساس النظام النسبي اصطدمت بواقع كابوسي في تلغيم القانون وفي الممارسة. وكل الدعوات في الداخل والخارج الى التزام ضبط النفس لتحييد لبنان عن حرائق المنطقة تتبعثر في رياح الأحداث والتطورات الخطيرة من حولنا. ولا أحد يعرف الى أي حدّ يمكن أن ينجو لبنان من لعنة قانون انتخاب نسبي – تفضيلي أسوأ من قوانين النظام الأكثري بالمحادل والبوسطات على الطريقة اللبنانية.

ذلك ان التركيبة الحزبية الطائفية المذهبية القبلية والأهلية الغالبة على أحزاب قليلة عابرة للطوائف كما على المجتمع المدني ليست ملائمة لانتخابات نسبية تدور بين أحزاب متنافسة على برامج سياسية واقتصادية تشكّل لوائح من اتجاه واحد، لا لوائح من خليط تجمعه رفقة طريق. والصوت التفضيلي في لوائح مغلقة يجبر الناخب على التصويت للائحة ليست على مزاجه من أجل اعطاء صوته التفضيلي لمرشح يفضّله. والمشهد حتى الآن في ظلّ القانون الذي سمّاه صانعوه قانون الغدر وقانون قابيل وهابيل هو مشهد حرب أهلية بين الحلفاء ومع الخصوم.

 

والمفارقات مكشوفة. الأحزاب والتيارات والحركات القوية التي أصرّت على القانون النسبي تبدو مصرّة على انجاح لوائحها بالكامل في الدوائر الحسّاسة واستخدام كل الوسائل لمنع أي خرق. وهذا ضدّ جوهر النظام النسبي، حيث لا لوائح تفوز بكل المقاعد، ولاشيء اسمه خرق، لأن لكل لائحة حصّة حسب الأصوات التي تحصل عليها. وهو أيضا ضد المنطق الذي جرى استخدامه لتسويق النسبية بالقول انها تضمن تمثيل كل الألوان والأطراف وحتى الفئات المهمّشة. وبكلام آخر، فان كل حزب أو تيار قوي يريد لنفسه نتائج النظام الأكثري في النظام النسبي، وتطبيق النسبية على خصومه ومنافسيه.

والمشكلة تتجاوز الشكاوى من الخروق والخطاب المتدني وقلّة السياسة وكثرة الثرثرة البلدية. فالسياسة الغائبة بدأت تظهر. والانطباع الذي ساد بأننا غارقون في معركة محلية جدا بدأ يتبدد. ونحن عمليا في معركة مرتبطة بصراع المحاور والمشاريع في المنطقة، وتدور على موقع لبنان في هذا المحور ومشروعه أو ذاك. والرهانات هي على ان تخدم نتائج الانتخابات موقع لبنان وتكرّسه في الصراع الجيوسياسي.

لكن اللعبة بالغة الخطورة على لبنان. ومن الوهم تصوّر الأحداث والتطورات في المنطقة التي ملأت سماءها ونزلت على أرضها القوى الدولية الكبرى تتحرك في اتجاه واحد.