كان النائب عبدالله الحاج، يشدد في آرائه أمام الأستاذ نصري المعلوف، وكلاهما من كتلتين نيابيتين متناقضتين، الأول حليف للأستاذ كمال جنبلاط والثاني صديق للرئيس كميل شمعون، على ان الانتخابات البلدية، هي التي تقرر زعامة السياسي، لا الانتخابات النيابية.
إلا أن وزير المالية في حكومة عهد الرئيس كميل شمعون، راح يجول ويصول في الأحداث، ويقول إن هذا رأي سليم، لكن العهود لا تُجري الانتخابات البلدية في موعدها، وكثيراً ما تلجأ الى التعيينات.
وعندما ترشح الوزير نصري المعلوف في الأشرفية، اتصل بنائب المتن الجنوبي، وقال له أن الحق معك، وانت الساعي الى الانتخابات البلدية في لبنان كله.
وهذا ما جعل معظم السياسيين يعوّلون على الانتخابات البلدية.
الانتخابات النيابية أخذت أبعاداً سياسية، بعد اتفاق الطائف وانتخابات هيمنت عليها المقاطعة المسيحية وأضحت تُسمّى بانتخابات الثلاثة عشرة في المائة، لأن نائبة نالت أرقاماً طفيفة بسبب المقاطعة الشعبية.
والخبر ليس هنا، بل في أن معظم السياسيين نزلوا من أبراجهم الانتخابية، وترشحوا في مدنهم والبلدات تحت شعار المشاركة في الحكومات المحلية.
طبعاً، ليس كما هي الحال الآن، وحيث تحولت الانتخابات البلدية الى فرص مستباحة، بغية الفوز بالمغانم، وتأمين المصالح الذاتية عند أصحاب الحاجات.
ولعل الانتخابات البلدية، أخذت دوراً في استنهاض همم الزعامات ساعة ترشح زعماء كبار مثل الأستاذ دوري شمعون لترؤس بلدية دير القمر.
حسناً فعل ويفعل الآن وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، من خلال جولاته على زعماء البلاد، لسبْر أغوار النيات والتوجهات، لأنه يريد انتخابات بلدية في موعدها الدستوري، أي في أيار المقبل.
والوزير المشنوق كان مستشاراً للرئيس الشهيد رفيق الحريري، وصاحب نظرة موضوعية في الموضوع البلدي كما في سواه، لأن هذه الانتخابات في ذهنيته، مرآة مزدوجة تعكس نيات السلطة، ونيات الوزير الذي يريد أو يسعى أن تكون السلطة فرصة للعمل والانصاف، لا للتسلّط على الناس، والمواطن هو من الناس أساساً وغالباً.
في العام ١٩٦٣، جرت انتخابات بلدية جاءت برجال كبار صنعوا مفهوماً للعمل البلدي، وجعلوا مكاتبهم على الطرقات، لا في المكاتب، ومن هؤلاء رئيس بلدية الذوق نهاد نوفل، ورئيس بلدية ميناء طرابلس أحمد ممتاز كباره، وبعده رئيس بلدية الميناء أيضاً عبد القادر علم الدين.
والشيء المهم أن رجالاً كباراً مزقوا لوائح السياسيين، وفازوا بمناصب جعلتهم على يسار القضايا المهملة، ولا يقفون الى يمين السياسيين التقليديين.
وربما، هذا ما يسعى اليه الوزير نهاد المشنوق، وهو صحافي عريق وكان صديقاً للرئيس تقي الدين الصلح، الذي تولى وزارة الداخلية والبلديات، وأضفى عليها تطلعات الناس الى جعل البلديات حكومات محلية، تخدم المواطن أكثر من الحكومات، التي تسيء الى الوطن والمواطنين وتزرع الفساد والضياع في البلاد، عوضاً عن انصاف الانسان!!