أقرّ مجلس النواب أخيراً اقتراح القانون الرامي إلى دعم صناعة الأدوية المنتجة محلياً على ان يرفع حجم الدعم على الدواء المحلي من مليونين إلى نحو 6 ملايين دولار شهرياً. صحيح انّ الصناعة اللبنانية قادرة على تلبية حاجة السوق المحلي وان تكون بديلاً عن الدواء المستورد لكن، وعلى غرار بقية القطاعات التي لا تزال مدعومة، ستكون تحت رحمة المركزي ومدى تجاوبه السريع في الافراج عن الأموال لتتمكّن من شراء المواد الأولية.
مع إقرار دعم صناعة الادوية المنتجة محلياً تبدأ خطة وزارة الصحة بشق طريقها الى التنفيذ، فبعد إقرار اقتراح القانون هذا في مجلس النواب سيزيد الاعتماد على الدواء الوطني وصولاً الى إغراق السوق اللبنانية منه. وعليه، كلما انهت المصانع عملية تسجيل صناعة دواء محليا كبديل عن المستورد وطرحته في السوق يرفع الدعم عن «البرند» المستورد تلقائيا وصولاً الى تحقيق اكتفاء في السوق اللبنانية لا سيما في ادوية الامراض المزمنة على ان تكون الخطوة اللاحقة تصنيع وتوضيب عدد من أدوية الأمراض السرطانية.
السؤال الاول الذي يراود المريض: هل المصانع اللبنانية قادرة على تلبية حاجة السوق المحلي؟ تؤكد الارقام ان حصة الدواء المحلي ارتفعت في الاسواق اللبنانية بشكل كبير خلال السنتين الماضيتين بحيث زاد الانتاج المحلي بنسبة 63% خلال العام 2020 مقارنة مع العام 2019 من حيث عدد العلب المصنعة، وزاد الانتاج بنسبة 30% في العام 2021 مقارنة مع العام 2020. وهناك قدرة على رفع الانتاج وتأمين حاجة السوق اللبناني من كل اصناف الادوية. أما بخصوص الاسعار فهي اقل بنسب تتراوح ما بين 20 و 55% اذا ما قارنّاها مع اسعار «البراند» من الادوية المستوردة الخاصة بالأمراض المزمنة.
وبالاستناد الى هذه الأرقام يأتي السؤال التالي: ما دامت الصناعة الدوائية المحلية قد توسّعت ونَمت بهذه النسب الكبيرة خلال العامين الماضيين لماذا لا تزال الادوية المحلية مفقودة من الصيدليات ولا نجدها الا نادرا؟ وكم تحتاج من الوقت لملء الفراغ مكان الدواء المستورد؟
في السياق، تؤكد نائبة رئيسة نقابة مصانع الأدوية في لبنان بيرت أبو زيد لـ»الجمهورية» ان الدواء الوطني موجود ومتوفر وإنتاجنا المحلي بات يغطي نحو 60% من حاجة السوق من خلال 12 مصنع دواء، 3 مصانع منها تؤمن المصل وتغطي حاجة السوق بنسبة 100% واوضحت ان انقطاع الدواء من الصيدليات لا يعود دوماً الى نقص في الانتاج إنما الى اسباب عدة منها مثلاً ما حصل الاسبوع الماضي وهو انتظار صدور مؤشر تسعير الدواء الجديد من قبل وزارة الصحة والذي سعّر الدواء وفق دولار 23500 ليرة، لذا احجمت الشركات المستوردة عن تسليم السوق بينما نحن الشركات المصنعة للدواء محلياً لم نتوقف عن تسليم السوق ورغم كل الكميات التي توزّع في الاسواق يبقى هناك حاجة للمزيد لأن السوق عطشى للدواء إمّا بسبب الحاجة او بسبب استمرار المرضى ولا سيما الميسورين منهم بالتخزين خوفاً من فقدانها. لذا نحن نطالب بترشيد الدعم حتى في الصيدليات وهذا ما سيُحل مع بدء العمل بالبطاقة الدوائية والتتبّع بحيث لا يسمح للمريض ان يشتري أدوية أكثر من حاجته.
انّ اقرار قانون دعم صناعة الادوية المحلية، والذي يدخل حيّز التنفيذ بعد شهرين من صدوره في الجريدة الرسمية، دونه تحدياته. وتقول ابي زيد: من حيث الجهوزية نحن مستعدون ولدينا طاقة انتاجية كبيرة وهذا ما أثبتناه خلال جائحة كورونا، انما ابرز تحد سنواجهه يكمن في حاجتنا الى المواد الاولية التي من دونها لا يمكننا الاستمرار بالعمل واستدامة تأمينها منوطة بمصرف لبنان ووتيرة إفراجه عن اموالنا التي تقدر بنحو 30 مليون دولار. واكدت اننا الان لا نعاني نقصاً في المواد الاولية لكن وزير الصحة طلب منّا توسيع محفظتنا الدوائية ودعانا الى تسجيل ادوية جديدة وهنا التحدي الاضافي لأنّ المعاملات تستغرق وقتاً، لا سيما مع مداومة القطاع العام يومين في الاسبوع فقط.
وردا على سؤال، تقول ابو زيد انه منذ اقرار القانون في مجلس النواب لم يصدر بعد اي قرار برفع الدعم عن اي دواء مستورد، عازية ذلك لأسباب لوجستية، مؤكدة ان وزير الصحة لن يرفع الدعم قبل انهاء مخزون الادوية التي سبق وحصلت على دعم من مصرف لبنان.
وكشفت انه مع رفع الدعم عن الادوية المستوردة من المتوقع ان ترتفع حصة صناعة الادوية المحلية في الاسواق لتزيد عن 60 % التي تشغلها حالياً، موضحة انه مهما علا سعر الدواء المستورد فإنّ الدواء المحلي لن يزيد سعره. فعلى سبيل المثال إنّ دواء الضغط المستورد يبلغ سعره اليوم 130 الفاً بينما المصنع محلياً فيبلغ 55 الفاً، وبعد رفع الدعم عن المستورد سيصبح سعره 180 الفاً بينما المحلي لن يتغير، وطمأنت الى انه وحتى لو رفع الدعم كلياً عن صناعة الدواء المحلي فسيظل سعره اقل من المستورد.
وأكدت ان لا أزمة دواء حالياً، فمصرف لبنان لا يزال يؤمن الاعتمادات لهذا القطاع والتي تقدر بنحو مليوني دولار شهرياً، وقد تضاعف هذا المبلغ الشهر الماضي بهدف زيادة الانتاج وتلبية حاجة السوق، وقد وعدنا وزير الصحة برفع المبلغ الى 6 ملايين في المرحلة المقبلة. ورحّبت ابو زيد بإصدار قانون جديد يطلب من الجهات الضامنة اعتماد تسعيرة الدواء اللبناني كونه يحثّ على استعمال الدواء اللبناني على ان يحوّل الوفر في الأسعار لدعم دواء السرطان.
وردا على سؤال، لفتت ابو زيد الى ان الصناعة المحلية تعمل على انتاج ادوية لـ 20 فئة علاجية هي الاكثر طلباً والاكثر استعمالاً وفي الوقت عينه تعمل على خلق خطوط إنتاج جديدة وتطوير الادوية العلاجية ضمن معايير التصنيع الجيد GMP good manufacture practice الذي تتمتع به مصانع الدواء في لبنان.