Site icon IMLebanon

التشدّد الأمني في الذروة… “التراخي أخُ الإستهتار”

 

دخل لبنان زمن الحجر الكوروني بعد الحجز السياسي، ويشكّل مطلع الأسبوع التحدّي الأبرز للسلطة في إثبات قدرتها على ضبط التفلّت الوبائي وتأخير تفشيه.

 

لو كان غير الشعب اللبناني يعيش على هذه البقعة من الأرض التي يحكمها هؤلاء السياسيون لكنا شهدنا على عمليات إنتحار جماعية، لكن اللبناني تعوّد على الأسوأ، وهو الشعب الذي يعيش منذ سنوات تراجعاً إقتصادياً من ثمّ أتت الثورة وتلتها الإنهيارات الإقتصادية و”كورونا” وإنفجار المرفأ، لكن الشعب اللبناني لا يزال صامداً في وجه العواصف، بينما شعوب في دول متقدّمة تعاني الأمرين نتيجة تفشي “كورونا” والحجر الصحي والإقفال.

 

ويعتبر اليوم مفتاح الأسبوع ومصيرياً بالنسبة للإقفال العام الذي لم يترافق مع برنامج دعم للأسر الفقيرة والمحتاجين، وفي السياق تتوجه الأنظار إلى القوى الأمنية والمؤسسات العسكرية وكيفية تعاملها مع التعبئة العامة، علماً أن وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي لم يكن متحمساً للإقفال بسبب صعوبة تطبيقه والوضع الإقتصادي الذي تمرّ به البلاد لكنه عاد ورضخ للمشورات الصحية.

 

وفي السياق، فان القوى الأمنية تؤكّد إصرارها على تطبيق القوانين، لكن في المقابل تبدي تفهمها أمام بعض الحالات التي ترتبط بالوضع العام في البلاد وأوضاع المواطنين، إذ إنها تشدّد على أنها مع المواطن في حمايته ولا تفعل كل ذلك من أجل مصالح خاصة أو حباً باغلاق البلاد.

 

وتتشدّد القوى الأمنية في تطبيق مبدأ المفرد والمجوز، وتصرّ على إحترام الإنتظام العام في فترة الإقفال لأن التهاون قد يفيد المواطن ظرفياً لكنه سيجلب الويلات بعد تفشي “كورونا” وعدم القدرة على السيطرة عليه، خصوصاً أن التجهيزات الطبية لا تكفي لمواجهة مثل هكذا وباء، وهذا يظهر في عجز دول أوروبية وحتى الولايات المتحدة الأميركية في مواجهة تزايد الحالات وعدم وجود عدد كاف من الأسرة في العناية الفائقة.

 

إذاً، حزمت القوى الأمنية أمرها وقرّرت تطبيق كل مندرجات خطة الإقفال، حيث سيكون اليوم مفصلياً في هذه الخطة، وستنفذ خطة إنتشار واسعة على طول الخط الساحلي وفي المدن الأساسية التي تشهد حالات تفشّي “كورونا”، وسط التأكيد أن الخطة ستشمل المناطق البعيدة وليس بيروت وجبل لبنان فحسب، وذلك بعد تفشي “كورونا” في الأرياف، والدليل أن محافظة بعلبك – الهرمل البعيدة عن العاصمة بيروت تشهد أكبر نسبة إصابات، لذلك فانه لا يوجد أي منطقة محمية من هذا الوباء القاتل. وعن الحديث عن وجود مربعات أمنية ومناطق لا تستطيع القوى الأمنية بسط سيطرتها عليها وإقفالها ما يخفف من نجاحات خطة الإقفال، فان المسؤولين الأمنيين يؤكدون أن الخطة تشمل كل لبنان وليس هناك أي منطقة مستثناة، والدليل أنه عند الساعة الخامسة من بعد ظهر يوم السبت تمّ إقفال جميع مخيمات النازحين واللاجئين الفلسطينيين، ومنع الدخول والخروج إليها، وبالتالي فان الخطة تسري على جميع الأراضي اللبنانية. وتعوّل الأجهزة الامنية على وعي جميع المواطنين إذ إن نشر الحواجز أو تسطير محاضر ضبط أو التشدّد بغيرها من الإجراءات الأمنية تبقى غير كافية للجم تمدّد هذا الوباء، والأجهزة تنشر الوعي قبل نشر الحواجز، حتى إن بعض الحواجز يوزّع الكمامات على المواطنين، وتتعامل القوى الأمنية مع الأحياء الفقيرة بتأنٍ، إذ ليس هدفها الأذى بقدر الحماية وصون الأمن الصحي للشعب الذي يعاني الأزمات المتلاحقة، ولا تنقصه أزمة صحية هي الأخطر في العالم.