Site icon IMLebanon

منطق

أطلقت المرحلة الأولى (الراهنة) من حملة الائتلاف الإقليمي الدولي على «داعش» في العراق وسوريا، وفي سوريا أكثر من العراق، أسئلة سريعة تحمل بعض مضامين القلق. لكنها بالتأكيد، لا تُخرِج الاحتمالات الأخيرة عن مسارها المنطقي والطبيعي!

دربكة قوى الممانعة مفهومة تبعاً لتغييبها ولتجاهلها وعدم الأخذ بمطالبها واعتراضاتها و«شروطها» في الحرب على الإرهاب. في حين لا يفاجئ أداء سلطة الأسد أحداً إلاّ حلفاءه! خصوصاً لجهة إمعانها في النكران واعتبار نفسها «منتصرة» سلفاً انطلاقاً من حساباتها التي تقول (أو بالأحرى تهلوس)، إن الولايات المتحدة والسعودية والإمارات والبحرين وفرنسا وبريطانيا وسائر الدول المشاركة في الائتلاف الراهن، إنما جاءت أخيراً لتنصر تلك السلطة على أعدائها! وتصطف في صفوفها! وتفعل ما تفعله لأنها وصلت إلى «القناعة» ذاتها التي سبق الأسد كل العالم، في الوصول إليها!

في سياق الهلوسة الأسدية المستشرية منذ بدء الثورة السورية الشاملة يوضع ذلك الأداء وليس في أي سياق آخر.. لكن الملاحظ على الجانب الآخر، خروج أصوات معارضة سورية وغير سورية، وقراءات سياسية في بعض الإعلام الغربي، تبني استنتاجات سريعة انطلاقاً مما تعتبره غموضاً في تكتيك الائتلاف الراهن وفي تفاصيل عملياته المعلنة، وفي أهدافه الأخيرة.

وبعض ذلك في جملته آتٍ من تجربة السنوات الثلاث والشهور الستة التي مرّت منذ انطلاق الثورة السورية. ومن كيفية تعامل المجتمع الدولي، وخصوصاً الولايات المتحدة، مع تطوراتها وارتكابات الأسد فيها وحيالها.. وبعضه آتٍ (مجدّداً) من احتمال استغلال قوات الأسد بعض التطورات الميدانية المتأتّية من القصف الجوي كي تعيد التمدّد في أراضٍ سبق وأن خسرتها..

بغضّ النظر عن التفاصيل، لأنها بالمعنى العسكري لم تُكتمل مرحلتها الأولى بعد كي يتم الحكم عليها، وبالمعنى السياسي فيها من الحسابات المغلقة أكثر من الظاهرة والمعلنة.. فإن الاستناد إلى القراءات العامة يمكن أن يوصل إلى الخلاصات النافية لقلق القلقين وهواجس السائلين، وفي ذلك يأتي التبسيط في مكانه تماماً: هل يمكن لعاقل أن يفترض بداية ونهاية وأولاً وأخيراً، أن دول الخليج العربي شغّلت طيرانها الحربي وإمكاناتها اللوجستية في حرب تؤدي أو ستؤدي إلى خدمة بشار الأسد؟! وأن باراك أوباما غيّر سياسته لأن الأسد ناداه فلبّى النداء؟! وأن فرنسوا هولاند وديفيد كاميرون وقادة دول ائتلاف الحرب على الإرهاب، قرروا أخيراً أن «مصير» بلادهم معلّق على مصير سلطة الأسد؟!

.. ثم هل يمكن لعاقل أن يفترض قبل ذلك كله، أن سلطة الأسد لا تزال قادرة على حكم الجغرافيا السورية وعلى ملء الفراغ الذي سينشأ في مناطق سيطرة «داعش» و«النصرة» نتيجة القصف؟! بل هل لا تزال تلك السلطة قائمة فعلياً؟!

.. النكران هواية أسدية بامتياز، فلتُترك لهواتها.. وليتسلّى الممانعون بعدّتهم الإعلامية وتخرّصاتها ففيها ما يكفي من دواعي القلق لهم.. وليس لغيرهم.