كثيرة هي الأسئلة التي طرحت أمس بشأن الزيارة التي قام بها مفتي طرابلس والشمال الشيخ الدكتور مالك الشعّار على رأس وفد من المشايخ والشخصيات المدنية لبنشعي للقاء زعيم «تيار المردة» سليمان فرنجية، خصوصاً أن الشعّار كان قد تعرض لسلسلة من الانتقادات لاستقباله فرنجية في منزله قبل عدة أشهر وإعلان دعم ترشيحه لرئاسة الجمهورية، فضلا عن انتقادات تعرض لها مؤخرا على خلفية مشاركته في مهرجان «طرابلس مدينة الأعياد».
الأسئلة التي طرحت كانت في اتجاهين، الأول: هل ما قام به الشعار هو هروب الى الأمام بعد كل الانتقادات التي تعرض لها؟ وهل هي بداية مواجهة سيخوضها ضد خصومه قبل عام من انتهاء ولايته في الإفتاء، لا سيما بعد عودة الرئيس سعد الحريري إلى السرايا الحكومية؟ ولماذا اختار وفدا دينيا ومدنيا من مختلف الاتجاهات لمرافقته الى بنشعي؟ هل من أجل إعطاء الزيارة غطاء طرابلسيا؟ أم للتأكيد أن مفتي طرابلس لا يمثل مشايخها فقط بل يمثل مكونات مجتمعها بكامله؟
أما في الاتجاه الثاني، فسأل البعض: هل تشكل زيارة الشعار والوفد المرافق لبنشعي محاولة لإيجاد غطاء إسلامي لفرنجية شمالا لعدم استفراده مسيحيا؟ أم أنها لتأكيد أن فرنجية ما زال يمثل خيارا رئاسيا لعاصمة الشمال؟ أم أن الزيارة تأتي في إطار تعزيز العلاقات التاريخية بين طرابلس وزغرتا ليشعر أهلهما بمزيد من الاطمئنان؟
لم يهدأ هاتف الشعّار بعد زيارته بنشعي أمس، حيث حاول كثيرون استيضاح أهدافها ومراميها وتوقيتها، إضافة إلى معرفة الخطة التي وضعها المفتي لمواجهة جملة الانتقادات التي ستوجه له بعد الزيارة، والتي ستتراكم فوق انتقادات مشاركته في مهرجان الأعياد.
يقول الشعار لـ«السفير»: أنا أعمل قناعتي، وأرضي ربي، وأخدم أهل بلدي، ولم أفعل شيئا يغضب الله، ويعكر راحة الضمير، إلا أن بعض الناس تتحرك إما من ضيق أفق، أو بتوجيه سياسي.
ويضيف: ليس بيننا وبين سليمان بيك زيارة ورد زيارة، بل تأكيد على أن الشمال هو واحد لا يتجزأ، وأننا نسعى الى صنع مناخ سياسي إيجابي في منطقتنا، وأعتقد أن مثل هذه اللقاءات من شأنها أن تبدد الكثير من الجمود ومن المخاوف، وأتمنى أن يعتبر المسيحيون طرابلس قلبا كبيرا تتسع لهم كما تتسع للمسلمين.
ولا يخفي الشعّار رؤيته بأن التحالف المسيحي المستجد لا يستطيع أن يلغي حضور فرنجية، لافتا الانتباه الى أنه يرفض احتكار القرار المسيحي من طرف أو اثنين، فالمسيحيون كلهم أساس لبنان، وليس الأكثرية الحزبية منهم، والمسيحية تمثل قيم لبنان ووحدته الوطنية وتمسكه بالديموقراطية، ومن ينتخب في مجلس النواب هي الأكثرية النيابية وليست الأكثرية المسيحية، لذلك فإن اللبنانيين جميعهم مسلمين ومسيحيين الى أي مذهب انتموا معنيون ببناء وطنهم، وقد تعلمنا من التاريخ أنه لا يمكن لأي فئة أن تلغي فئة اخرى.
وكان فرنجية قد أكد خلال اللقاء أن طرابلس تشكل امتدادا لزغرتا، وأن رجال الدين المعتدلين وفي مقدمتهم المفتي الشعار يقودون مسيرة الوحدة الوطنية وكلنا نقف خلفهم.