Site icon IMLebanon

جريمة اغتيال سليم زادت العقبات وأثارت مخاوف

 

الفرنسيون لن يتحركوا ما لم يلمسوا جدية المسؤولين

 

لم تحجب تداعيات الجريمة المروعة التي ذهب ضحيتها الناشط لقمان سليم، وما أشاعته من أجواء قلق من عودة مسلسل الاغتيالات لإسكات الصوت المعارض، عمق المأزق الذي تواجهه عملية تأليف الحكومة بعد تهاوي المبادرات، وآخرها مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري لإعادة وصل ما انقطع بين رئيس الجمهورية ميشال عون، والرئيس المكلف سعد الحريري، من أجل تجاوز الأزمة والتوافق على الحكومة العتيدة التي لا تزال حبيسة الأدراج، تحت وطأة الشروط والشروط المضادة. وهذا الأمر مرشح للاستمرار في الأسابيع المقبلة، بعدما بدا من خلال الاتصالات التي جرت في الأيام الماضية، أن رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل ما زال متمسكاً بشروطه، توسيع الحكومة إلى عشرين وزيراً، ما يمكنه من الحصول على الثلث المعطل، بدعم من رئيس الجمهورية ميشال عون، إضافة إلى الحق بتسمية الوزراء المسيحيين جميعهم، بما فيهم الوزير الذي سيمثل حزب «الطاشناق».

 

وتكشف المعلومات، أن باسيل الذي أبلغ هذه الشروط إلى القيادي في «حزب الله» وفيق صفا في لقائهما الأخير، أراد الرد على مبادرة الرئيس بري الذي رفض إعطاء الثلث المعطل لأي طرف. في إشارة إلى رئيس التيار «العوني» الذي لم يبد أي استعداد للتخلي عن هذا الشرط الذي يلاقيه في الرئيس عون الذي يصر هو الآخر على حقه الكامل في تسمية الوزراء المسيحيين، كما هي الحال بالنسبة للرئيس المكلف و»الثنائي الشيعي»، في وقت يبدو الرئيس الحريري أكثر إصراراً على حكومة من 18 وزيراً، لا ثلث معطلاً فيها لأحد، مدعوماً من الرئيس بري بالنسبة لهذين الشرطين . ما أبقى الوضع على حاله من المراوحة، بانتظار ما ستفضي إليه نتائج المساعي المتجددة للمبادرة الفرنسية غير المحسومة بأنها ستحقق أهدافها في ظل المواقف على حالها .

 

وفي الوقت الذي يتابع الرئيس الحريري جولاته الخارجية، حشداً لدعم عربي ودولي لحكومة الاختصاصيين التي ينوي تشكيلها، لا يزال الغموض يكتنف طبيعة التحرك الفرنسي المتجدد، بعد الاتصال الذي أجراه الرئيس إيمانويل ماكرون بالرئيس عون، في وقت كشفت معلومات أن الفرنسيين لن يتحركوا، قبل أن يلمسوا جدية المسؤولين اللبنانيين في التوافق على شكل الحكومة الجديدة، وإزالة العقبات من أمامها، ما يمهد الطريق عندها لتحديد موعد لزيارة الرئيس ماكرون لمباركة المولود الجديد، متسلحاً بدعم أوروبي ومساندة أميركية لمبادرته التي تشكل المخرج الوحيد الموجود على الطاولة لإخراج البلد من مأزقه الاقتصادي والمالي .

 

ولا تخفي أوساط متابعة، القول أن جريمة تصفية الناشط سليم، زادت من حجم العراقيل التي تواجه ولادة الحكومة، بالنظر إلى ما خلفته من أجواء سلبية على الواقع العام، وما أثارته من مخاوف بشأن العودة إلى التصفيات الجسدية للمعرضين، وهذا بحد ذاته سيعقد عملية التأليف، بعد الاتهامات التي وجهت إلى «حزب الله» بأنه يقف وراء الجريمة من جانب أطراف سياسية، ترفض أن يصار إلى قمعها بالقتل، رداً على رفضها بقاء الوضع على ما هو عليه تحت رحمة هيمنة السلاح، متوقعة أن تتفاعل في الأوساط الداخلية تداعيات جريمة الاغتيال، وسط خشية من يأتي الدور على معارضين آخرين، ممن يرفعون الصوت ضد السلاح ومحاولات خنق الحريات وممارسة الضغوطات لمنع المعارضين من قول ما يريدون.

 

وتشدد الأوساط، على أن موقف التيار «العوني» لن يتغير ما لم يمارس «حزب الله» ضغوطات قوية على حليفه المسيحي لتجاوز الأزمة، وتالياً القبول بالصيغة التي يطرحها الرئيس المكلف بدعم من الرئيس بري الذي يدرك أكثر من غيره، أن عقبة التأليف موجودة عند «الوطني الحر»، بعدما قدم الرئيس المكلف تنازلات كثيرة، حرصاً منه على مصلحة البلد الذي يحتاج إلى تنازلات من جميع الأطراف، وفي مقدمها رئيس الجمهورية وفريقه السياسي.