منذ قرابة العام يواصل النائب فؤاد مخزومي مبادرته لزيارة عواصم القرار الدولية لطرح وجهة نظر المعارضة اللبنانية من القضايا والتطورات التي يشهدها لبنان والمنطقة في وقتٍ يضرب فيه التصحّر السياسي الواقع الداخليّ بفعل تعطيل «حزب الله» للاستحقاقات الدستورية ويصرّ «تيار المستقبل» على تعطيل ما تبقّى منها ربطاً بتعليق عمله السياسي، فتغيب المبادرات التي كان الرئيس الشهيد رفيق الحريري رائدها وخاصة عندما تعرّض لبنان للمخاطر في حروب العدو الإسرائيلي على لبنان، فجاءت زيارة الوفد النيابي اللبناني إلى لندن لتعيد طرح حماية لبنان في لحظات يُحتمل أنّها تسبق عدواناً مدمِّراً على البلد.
ضمّ الوفد صاحب المبادرة النائب مخزومي والنواب: إلياس حنكش، أديب عبد المسيح، بلال الحشيمي، غسان حاصباني، وضاح الصادق، راجي السعد، إيهاب مطر، فيصل الصايغ، مارك ضو، نعمة افرام وندى البستاني. النائب مخزومي الذي أوضح أنّ الوفد لبّى دعوة رسمية من الحكومة البريطانية قال إنّ الهدف منها هو «تقديم خريطة طريق تتضمن بعض الحلول الممكنة والسبل الآيلة إلى التخفيف من معاناة المواطنين على الصعد كافة، والتي يأتي في مقدمها انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة تشرع في تنفيذ الإصلاحات التي يطالب بها المجتمع الدولي والتي تعيد وضع لبنان على السكة الصحيحة».
النائب إيهاب مطر قال لـ»نداء الوطن» إنّ الحديث مع الطرف البريطاني تناول «تطبيق القرار 1701 وهو ما يعمل عليه وزير الخارجية دايفيد كاميرون في إطار مبادرة ذات أبعاد دولية تشمل تعزيز تطبيق هذا القرار من خلال بناء أبراج على الحدود اللبنانية الفلسطينية لحماية لبنان وللحدّ من احتمال توسّع المواجهة نحو الداخل اللبناني باتفاق الطرفين ليكون بداية للوصول إلى وقف إطلاق النار، وهذا الأمر طُرح كحافز مهم لتسهيل تطبيق القرار 1701 من دون أن يكون رسمياً لتجنّب الدخول في إشكالية تعديل هذا القرار في مجلس الأمن وما قد يؤدّي إليه ذلك من تداعيات دولية ومحلية، ولم يتطرّق البحث إلى امتداد الأبراج من الجنوب إلى شمال لبنان ولم يجر الحديث عن شمول الأبراج لكل الحدود اللبنانية مع سوريا».
وبالنسبة إلى مذكرة الاحتجاج التي وجهتها الخارجية السورية إلى الخارجية اللبنانية حول موضوع الأبراج، قال مطر «إنّنا نؤكّد أنّ عمل هذه الأبراج هو أمرٌ سيادي لبناني ولا علاقة لسوريا به»، متسائلاً: «لماذا استحضر النظام السوري الآن هذه القضية بعد 11 سنة على إنشاء الأبراج، وهل كانت لا تمسّ بالسيادة سابقاً ولماذا الاستفاقة على موضوع السيادة وسيادة سوريا منتهكة من قبل إيران ذهاباً وإياباً؟ هذا الموقف بالنسبة إلينا مرفوض».
وتابع «أكّدنا أنّه لا يكون هناك انتظام في العمل السياسي إلاّ من خلال انتخاب رئيس للجمهورية كبداية لحلّ باقي الأزمات وبحثنا إمكانية التعاون بين بريطانيا وبين اللجنة الخماسية وباقي أصدقاء لبنان وصولاً إلى تسهيل عملية ملء الشغور الرئاسي مع الحدّ من الإملاءات والفرض والمسّ بسيادة لبنان».
وعن الرسالة التي حملها الوفد قال مطر: «رسالتنا هي أنّ هناك مجموعة برلمانية تحاول استنقاذ البلد من خلال الإصلاحات المطلوبة من الداخل اللبناني وأيضاً من البنك الدولي لخلق جوّ مختلف وبيئة حاضنة لفكرة الإصلاح بما يسمح بتحريك الواقع الاقتصادي ونبدأ العمل على تحريك الحياة الاقتصادية ونعمل على إعادة هيكلة المصارف وخطة التعافي… وخلال جولتنا تطرقنا إلى الموضوع الاقتصادي وكانت هناك أرقام تشير إلى زيادة التبادل التجاري بين لبنان وبريطانيا، وهذا أمر إيجابي عموماً، لكنّه لا ينعكس تغييراً جدياً على الواقع الاقتصادي، كما أنّه لا يمكن استنهاض البلد قبل انتخاب رئيس الجمهورية».
وحول الوضع في الجنوب قال مطر إنّ «المعطيات الرسمية البريطانية تقول إنّ هناك فرضية حول توسّع الحرب وتوجيه ضربة إسرائيلية إلى لبنان لأنّ نتنياهو يريد إبقاء تنفسه الاصطناعي في الحياة السياسية من خلال الاعتداء على لبنان، ولكن صنّاع القرار في لندن يرون أنّه ما زال بالإمكان تدراك هذا الخطر، لكنّ جهات غير رسمية ومنها مكاتب أبحاث بريطانية مهتمة بالشرق الأوسط تؤكّد أنّه لا مناص من تعرّض لبنان لحملة إسرائيلية عسكرية».
وتحدّث مطر عن مشاركة نواب من «التيار الوطني الحرّ» في الوفد فلفت إلى أنّ «هناك علامة استفهام حول حقيقة مواقف «التيار الوطني» ومساره السياسي السابق، ونقول اليوم إنّه إذا كانت هناك مبادرة للمشاركة في هذه اللقاءات ويساهموا في إعطاء صورة جامعة للخارج والتعاون لتنفيذ بعض الخطوات الحيوية لتحسين وضع لبنان، فإنّنا نرحّب بها».
أما النائب بلال حشيمي فقال لـ»نداء الوطن»:»لمسنا من كل من التقيناهم في الحكومة والبرلمان ومجلس اللوردات رغبة في دخول بريطانيا إلى الساحة اللبنانية من خلال التدخّل في مساعي تطبيق القرار 1701 وضرورة منع انجرار لبنان إلى الانخراط في حرب موسعة، وهم يُبدون الاستعداد للقيام بهذا الدور».
ولفت إلى أنّ «أهمية الجولة تكمن في أنّها تُبرز وجود قوى سياسية لبنانية تتمسك بالدولة وهي غير راضية عن الأداء الراهن للسلطة الموجودة وتريد أن توقف انزلاق لبنان نحو المزيد من الكوارث».
وأضاف: «هناك سيطرة إيرانية تستولي على لبنان بتحويله صندوق بريد وهذا واضح من خلال المفاوضات الجارية بين إيران وأميركا على حساب بلدنا والدولة اللبنانية خارج المعادلة وهذا خطر لأنّه يجعل لبنان ساحة لطهران التي نريد لها أن تحقّق الإنجازات ولكن ليس من خلال استغلال أرضنا وشعبنا.. وأردنا من خلال هذه الزيارة أن نقول للسلطات البريطانية إنّ لبنان بلد ذو سيادة ولا يمكن أن يستمرّ في تحكّم إيران بقرار الحرب أو السلم فيه، ومع تأييدنا للقضية الفلسطينية إلاّ أنّنا لا نستطيع الدخول في مغامرات لا تؤدي في الأصل لنصرة فلسطين بالإضافة إلى انتهاكها لسيادة لبنان».
وختم حديثه بالقول:»حذّرنا من تحويل لبنان إلى جائزة ترضية لإيران أو «حزب الله» على حساب اللبنانيين فهذا غير مقبول لأنّ هناك قرابة الستين نائباً رافضين لحصر الحوار مع الحزب أو الثنائي الشيعي حول مصير لبنان فنحن أيضاَ نقرِّر في البلد ولن نقبل بإعطاء مكافآت لمحور إيران على حساب اللبنانيين، ونعلن أنّنا مصرّون على أن نكون موجودين في أيّ حوار حول لبنان كممثلين عن الأمة في مجلس النواب ونستطيع أن نعطّل أي قرارات تمسّ بالدولة وبالسيادة اللبنانية».