Site icon IMLebanon

قفزة طويلة الى الوراء  بعد ٧٣ سنة من الاستقلال

 بعد ٧٣ سنة من الاستقلال، يتخلف لبنان ويعود الى أكثر من ١٥٠ سنة الى الوراء! ويقيم المجتمع السياسي اللبناني الأفراح ويطلق الزغاريد وينصب أقواس النصر اليوم، لمجرد انعقاد جلسة لمجلس الوزراء، بعد توافق على التعيينات العسكرية، لا يزال عرضة للاهتزاز. وحكومة الرئيس تمام سلام تعتمد حالياً في قراراتها ما كان متبعاً قبل أكثر من قرن ونصف القرن في لبنان. والحكومة السلامية الراهنة تضم ٢٤ وزيراً وتم تشكيلها نسبياً بين الطوائف. وفي ذلك الزمان كانت الحكومة تسمى مجلس ادارة المتصرفية وتضم ١٢ عضواً وزيراً، وتتخذ قراراتها ب التوافق لا بالتصويت، كما في حكومة الرئيس سلام اليوم. والفارق الوحيد بين الحكومتين في الماضي والحاضر، أن حكومة المتصرفية كانت تنعقد بانتظام، بينما حكومة سلام تجتمع موسمياً، وتحتاج الى توافق مسبق!

***

خضع لبنان في تاريخه الحديث العهد العثماني الى سياسة الفرز والضم، عندما كان تكوينه لا يتخطى منطقة الجبل. الفرز قسمه الى قائمقاميتين: درزية ومارونية، ولم تنجح التجربة بما نتج عنها من فتن. أما الضم فقد أعاد توحيد الجبل تحت نظام المتصرفية، على أن يحكمه رئيس مجلس ادارة مسيحي عثماني، تعينه السلطنة القوة الاقليمية وتوافق عليه الدول الكبرى. وبعد ٧٣ سنة من الاستقلال، التحول الوحيد الذي طرأ هو أن الرئيس أصبح لبنانياً مسيحياً، وما تمت تسميته رئيس الجمهورية في العهد الاستقلالي ظل فعلياً رئيس مجلس ادارة، وتختاره القوى الاقليمية وتوافق عليه الدول الكبرى، كما في الماضي!

***

كما أعيد توحيد الجبل اللبناني في العهد العثماني بعد فتنة القائمقاميتين، كذلك أعيد توحيد لبنان في العهد الاستقلالي في مؤتمر الطائف، بعد فتنة الحرب الداخلية ١٩٧٥. وظل طريق الشام برمزيته الجغرافية سابقاً والسياسية لاحقاً، هو الخط الفاصل بين القائمقاميتين جغرافياً في حينه، ولا يزال الى اليوم هو الخط الفاصل بين اللبنانيين معنوياً وسياسياً. وبهذا المعنى، لم يضف الاستقلال تحولاً جذرياً الى النظام اللبناني، فما رُسم سابقاً على أساس طائفي قبل الاستقلال، ظل على ما هو عليه بعد الاستقلال، وتطور لاحقاً الى الأسوأ، بما نراه اليوم من عجز وشلل على كل صعيد! –