Site icon IMLebanon

الانتظار الطويل

 

يأمل اللبنانيون أن يكون الرئيس سعد الحريري قد حرّك حداً من الاقتناع، ولا نقول المشاعر الإنسانية، إزاء ما يعانيه لبنان جرّاء تفاقم أزمة النازحين السوريين. فلقد كان كلامه موفقاً، مركزاً، هادفاً، واقعياً، بعيداً عن غوغائية الداخل اللبناني. أمام مؤتمر بروكسيل – 3 صدرت كلمته عن مسؤول يدرك، سلفاً أبعاد وطوايا ما يذهب إليه المجتمع الدولي الذي يسعى وراء مصالح دُوَلِهِ كلٌّ منها حسب قدراتها.

 

لقد ربطت أوروبا والولايات المتحدة الأميركية عودة النازحين الى بلدهم، سوريا، بالحل النهائي هناك. وهو ربط أكثر ما يكون خيالياً. فمن يستطيع أن يراهن على زمن محدّد لنهاية كاملة شاملة للأزمة السورية؟ أصلاً متى توصلت المساعي الدولية والأممية الى حل حاسم في أي معضلة أو قضية من المعضلات والقضايا منذ حرب الكوريتين وحتى اليوم؟

 

طبعاً قد تتفرّد فرنسا في نوع من الرغبة بتسريع الحلّ أو أقله بعدم  صبّ الزيت على النار السورية. فلباريس طموحات، والبعض يقول إنّ لديها وعوداً، في تنفيذ مشروع »قطار الأنفاق« في دمشق وحلب أيضاً. ويودّ الرئيس إيمانويل ماكرون أن يتم الاتفاق على  هذا المشروع في عهده. وهذا يفترض، بداهة، إنهاء الحرب السورية. ولكن هل للفرنسي قدرة وفاعلية في هكذا أزمة كبيرة جداً؟!

 

بداية يمكن القول إنّ الحرب السورية حققت أهدافها (المرسومة). فالدمار المادي والإنساني هائل، والشرخ بين مكونّات المجتمع السوري كبير جداً. والقدرة على النهوض تحتاج الى زمن طويل. والدول الكبرى المنتجة للسلاح نالت نصيبها من البيوعات الضخمة من الأطراف المنخرطة في هذا الصراع. ولقد يكون الهدف الأكبر ضرب قدرات سوريا في الحرب (المحتملة) مع العدو الإسرائيلي… ما يعني أنّه لم يعد ثمة «ضرورة» (بمفهوم الدول العظمى وانطلاقاً من مصالحها) لإستمرار هذه الحرب الضارية.

 

ولا شك في أنّ القضاء على آخر جيوب «داعش» يُسهم في تقريب النهاية. ولكن  ماذا بعد؟

 

لقد سلّم الجميع بإستمرار نظام الرئيس السوري بشار الاسد في المرحلة المقبلة. ولكن على أي أساس؟

 

فماذا سيكون مصير الأكراد الذين كان لهم الدور الأوّل والتضحيات الكبرى في إنهاء ما تبقى من «دولة» داعش؟

 

ومتى ينجز الدستور السوري الجديد؟ ومن القادر على سحب القوى العسكرية المتواجدة في سوريا من أميركية وروسية وتركية وحزب الله؟ الخ…

 

فهل على لبنان أن ينتظر إنجاز ذلك كلّه لتصبح عودة النازحين «طوعية» كما يطالبون؟ ومن قال إنهم، جميعاً، يريدون العودة وإن «طوعية»؟! وأمس كان الرئيس الحريري يقول من على منبر بروكسيل العودة «الآمنة»!