IMLebanon

إبحث عن.. بشار

لم يكن عامل الوقت ولا حتّى الدلائل، وحدهما ما يلزمان للوصول إلى نتائج مؤكدة ومُثبتة حول الجهة التي تقف وراء تفجيري مسجدي التقوى والسلام في طرابلس، إذ ان كل المؤشرات كانت تدل منذ اللحظة الاولى، وبشكل لا يقبل الإلتباس أو الشك، أن النظام السوري هو من يقف وراء هذا الفعل الإجرامي. واليوم وبعد سنوات ثلاث على التفجيرين، صدر القرار الإتهامي والذي تضمن ضابطين في المخابرات السورية، خططا وأشرفا على العملية وهما: االنقيب في فرع فلسطين في المخابرات السورية محمد علي علي والمسؤول في فرع الامن السياسي في المخابرات السورية ناصر جوبان.

هي منظومة نظام عاث في البلد إرهابا وفساداً وما زال يسعى إلى خرابه وزرع الفتنة بين أهله، على قاعدة «فرّق تسد». نظام يسقط من تلقاء نفسه في شر أفعاله التي ما عادت تحتاج إلى نقاشات ومُدافعات مطوّلة ونظريّات «مُمانعة»، لتبيان حقيقته الإجراميّة، حتّى أنه ربما يكون النظام الأوحد في العالم، الذي تدل أفعاله عليه حتّى قبل المباشرة بالتحقيقات أو الإنتهاء منها خصوصاً وأن اسلوب إجرامه، أصبح معروفاً ومكشوفاً للجميع، ما عدا فئة قليلة من اللبنانيين ما زالت تطبع الغشاوة بصرها وتمنعها من تبيان الحقائق على الرغم من الأدلة الدامغة التي تُظهر وتؤكد قبح إجرامه ليس بدءاً من اغتيال قافلة من الشهداء في لبنان، ولا مروراً بفتن المُجرم ميشال سماحة، ولا حتّى وصولاً إلى أخر شروره في تفجير المسجدين، بل من خلال سيرة كاملة لا تدل سوى على سواد تاريخه المليء بالحقد والكراهية.

مذكرات تحر دائم أصدرها القاضي آلاء الخطيب لمعرفة هويات الضباط المسؤولين عن الضابطين المنفذين الذين أعطوا الأوامر والتوجيهات لتنفيذ الإجرام بواسطة منفذين من الداخل اللبناني الذين فرّ جزء كبير منهم إلى سوريا، ولولا المساعدات التي قدمها، هذان الضابطان، لما كان حصل تفجير المسجدين، والفعل هذا يُمكن عطفه على طريقة تمويل سماحة بمتفجرات كان نقلها في سيارته إلى لبنان بهدف زعزعة الامن، بتدبير وتخطيط مدير مكتب الأمن القومي السوري ورئيس المخابرات السابق علي مملوك. وهنا لا بد وأن يُسأل حلفاء هذا النظام في لبنان وتحديداً «حزب الله»، ما إذا كانت هناك فعلاً شكوك تُساورهم لجهة تورّط هذا النظام في إرتكاب مجزرة مسجدي «التقوى» و»السلام».

من خلال مراجعة بسيطة لسرد للأحداث التي تعرّض لها لبنان قبل وبعد خروج النظام السوري منه، ثمة عواصف كثيرة لا مجال لحصرها، هبّت من الغرف الأمنية التابعة لهذا النظام الحاقد حصدت أرواح أبرياء وقادة كبار من وطن لم يتعوّد أن يغفو على جراحه مهما طال زمن افلات المجرمين من العدالة وعقابها. كل هذه الفعال والموبقات التي ما زال يُمارسها نظام القتل والاجرام في لبنان، تؤكد أنه على الرغم من خروجه بسلاحه وعناصره من البلد، إلا أنه ترك وراءه مجموعات منظومة مخابراتية أمنية ما زالت تعبث بأمنه وبمصير أبنائه، والطامة الكبرى، أن فئة لبنانية ما زالت تعتبر هذا القتل والإجرام، جزءاً أساسيّاً في خط «المُمانعة».

والأهم بعد هذا، ألا يجدر بـ»حزب الله» ضم بعض التفجيرات التي وقعت في بعض مناطق سيطرته، الى الملف الذي يؤكد وقوف النظام السوري وراء معظم الاعمال الإرهابية التي كانت وما زالت تستهدف لبنان، رغم عدم إنكار مسؤولية «داعش» عن بعضها، والتي من المُمكن أن تكون ضمن تكامل عملية تكامل ادوار بين الجهتين. والمُمكن هنا يُمكن أن يصل إلى حدود المؤكد في ما لو سعى «حزب الله» فعلاً إلى تبيان الحقائق. فما الذي يمنع نظام يُنكّل ويقتل شعبه في سبيل البقاء على قيد الحياة، من قتل وإرهاب بعض المُقربين منه، للغاية نفسها وإظهار نفسه على أنه كان الضمانة الوحيدة لعدم دخول الإرهاب إلى المنطقة، وبأن لبنان بلد عاجز عن تحقيق أمنه الذاتي وحماية نفسه من الخطر الوافد إليه من الخارج، كما هو الحال بالنسبة إلى سوريا.

التحقيقات في التفجيرين، تدلّ دون أدنى شك على منظومة أمنية مخابراتية رفيعة الموقع داخل المخابرات السورية، هي التي اعطت الضوء الأخضر للبدء بالتنفيذ. ومعرفة رأس النظام مُسبقاً بالجريمة، هي مُصيبة لحلفائه في لبنان، والمُصيبة الأكبر تتمثّل في عدم معرفته. ومع هذا، فإن سنوات اجرام النظام السوري من الأب إلى الإبن، يُمكن تلخيصها بساعات قليلة مُقارنة مع إصرار القضاء اللبناني وقوى الأمن وشعبة «المعلومات»، الذين أكدوا من خلال الدعم السياسي الذي لاقوه، بأنهم لن يكلوا عن ملاحقة المُجرمين الذين ارتكبوا جريمتهم هذه مهما طال الزمن، ووعدهم الحر بسوقهم إلى العدالة ثأراً لدماء الشهداء الأبرار وجراح الأبرياء، كما أكد الرئيس سعد الحريري الذي راهن منذ البداية على ساعة الحقيقة إلى أن دقّ جرسها.