منذ نحو اسبوعين بدأت ترتفع أصوات بوتيرة متصاعدة توجه الإتهام الى المملكة العربية السعودية بأنها هي التي تعرقل تشكيل الحكومة”.
طبعاً، إنّ أصحاب هذه التهمة السخيفة ليس فقط انهم لا يملكون أي دليل، إنما هم ينطلقون من أهداف مبيّتة مزدوجة:
1- من جهة يأتي الاتهام في إطار الحملات المتمادية على المملكة، وهو سياق غير جديد يسيرون فيه منذ سنوات، بسبب وبغير سبب، بمناسبة ومن دون مناسبة، ولكن دائماً لوجه الحقد والضغينة.
2- ومن جهة ثانية انهم يعملون من دون أي توقف على تبييض صفحة نظام ولاية الفقيه والتغطية على دوره الواضح في تأخير التأليف الحكومي في المرحلة الراهنة، كما كان هذا الدور واضحاً في الفراغ الرئاسي الذي استمر نحو ثلاث سنوات ونتجت عنه تداعيات وأضرار كبيرة، وأزمة حادة طاولت الاقتصاد الوطني في نواحي عديدة أبرزها الناحية السياحية التي أصابت لبنان بخسائر فادحة جراء الدور الايراني المستأثر بالقرار الوطني في لبنان.
وفي المطلق: أليْست المملكة العربية السعودية هي التي أوجدت الحلّ لمأزق الفراغ الرئاسي؟ فهل من عاقل يجهل أنّ الرئيس سعد الحريري عندما قرّر كسر الجمود والخروج من الفراغ الرئاسي والتوجه الى تأييد مرشح من فريق 8 آذار أو من حلفاء هذا الفريق، هل اتخذ هذا القرار من دون موافقة السعودية؟
لقد بادر الحريري الى ترشيح سليمان فرنجية حليف 8 آذار، وسعى جاهداً الى تسويقه في المحافل الخارجية، وبدا في فترة (وإن وجيزة) أنّ فرنجية بات قاب قوسين أو أدنى من أن يلج أعتاب قصر بعبدا، وعندما تعذّر تسويق فرنجية بشكل حاسم لم يتوقف الرئيس سعد الحريري، فاتخذ القرار الآخر الصعب جداً في ذلك الحين بدعم ترشيح رئيس حزب “التيار الوطني الحر” حليف فريق 8 آذار العماد ميشال عون، وسعى جاهداً لتأمين فوزه، وكان له ما أراد.
فهل كان هذا الخيار المهم (مشفوعاً بتسوية وطنية شملت أطرافاً أخرى) هل كان ليتم لولا موافقة المملكة على كل خطوة فيه؟
إنّ دور المملكة العربية السعودية في لبنان كان وسيبقى في الغد دوراً مساعداً في مختلف أنواع المساعدة، من دون أي تدخل في الشأن اللبناني الداخلي، وهذا أمرٌ واضح لا يحتاج الى شهادة شهود وبيانات إثبات، فشهادته كما إثباته منه وفيه.
نعم! إنّ هناك أسباباً خارجية وراء أزمة التأليف الحكومي، أو أقله انّ أسباباً خارجية تسهم في عرقلة التأليف وتأخير إصدار التشكيلة الوزارية المرتقبة، ولكن البحث عن هذه الأسباب ليس في المملكة العربية السعودية، إنما في إيران المأزومة في سوريا وفي العراق والتي تزداد أزمتها حدّة مع إبلاغ موسكو الجانب الاسرائيلي بأنها أبعدت الوجود الايراني في سوريا 85 كيلومتراً عن الحدود مع فلسطين المحتلة… ما يريح الكيان الصهيوني.
وإلى ذلك، فإنّ الايراني يصعّد مطالبه وشروطه في لبنان، بهدف مقايضة الدول الغربية (أميركا وأوروبا) بالذات على التسهيل في لبنان مقابل “مكاسب” مهما كانت محدودة في سوريا، أقله حفظ ماء وجه نظام ولاية الفقيه بعد النكسات التي اصابته في سوريا والعراق.
عوني الكعكي