حسناً إنَّ مجلس الوزراء باشر بحث أزمة السير الخانقة، وهو باشر وضع المعالجات ولو الخجولة لها، والمشروع المتقدّم في هذا المجال هو الأوتوستراد الساحلي بين الضبية وجونيه الذي يجعل اللبنانيين العابرين في تلك المنطقة في جلجلة يومية.
خطوة إيجابية لا بأس بها، ولكن ماذا عن الإزدحامات في سائر المناطق والأوتوسترادات؟
اللبنانيون في معاناة يومية، وهذا الأمر يستدعي معالجةً، لأنه في تقرير تمَّ إنجازه حديثاً، تبيَّن أنَّ اللبناني يستهلك عشرين في المئة من نهاره، يومياً، في زحمة السير، وأنَّه يستهلك محروقات بنسبة مضاعفة في ازدحام السير، هذا عدا عن حرق الأعصاب والتأخير في المواعيد، بالإضافة إلى مضاعفة تلوث الهواء بسبب ثاني أوكسيد الكربون المنبعث من السيارات المسببة للإزدحامات.
***
لا يطلب اللبناني الكثير من المعجزات لتحسين أوضاعه. كلُّ ما يطلبه أن يتمَّ تسيير أموره أو على الأقل الخروج من الأزمات، فهل من المتطلبات الكثيرة أن يطلب اللبناني من حكومته، في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، أن تكون لديه طرقات مثل أيّ بلدٍ في العالم؟
لقد تدحرجت مطالب اللبنانيين إلى الدرجات الدنيا بحيث بات يريد فقط مجرد طرقات لتنقلاته.
***
يُفترض بالسلطة التنفيذية أيضاً أن تدرس كيفية استعادة الثقة، فعلاً لا قولاً، لاستعادة خروج ودائع بقيمة تتجاوز 3 مليارات دولار من لبنان، في أزمة تشرين الثاني، وهو رقم ليس بالقليل على الإطلاق لأنَّ أسهل الخطوات هو خروج رساميل، فيما أصعب الخطوات استردادها في ظلِّ الأجواء غير المشجعة لاجتذاب الرساميل. وهذا ما دفع مصرف لبنان إلى رفع الفوائد، ولو اضطراراً بغية ربح الوقت، أملاً في أن تدخل مجدداً رساميل جديدة بالعملة الصعبة إلى لبنان.
***
السؤال الذي يطرح نفسه هنا:
هل ستعمد السلطة التنفيذية إلى توفير الظروف للهيئات المالية وفي مقدمها مصرف لبنان ووزارة المال، لمقاربة تحدي موازنة العام 2018، وما يعتريها من أثقال؟
ما يدفع إلى هذا السؤال أنَّ أرقام موازنة العام 2018 بدأت تلوح في الأفق، وبعدما قدَّم الوزراء موازنات وزاراتهم، تبيَّن أنَّ سخاءهم فاق كل تصور، إذ يتبيَّن أنَّ هناك زيادات في طلب الإنفاق تبلغ نحو 2000 مليار ليرة، أي ما يقارب مليار ونصف مليار دولار زيادة عن موازنة العام 2017، ما يدعو إلى الإستغراب والتساؤل:
هل يعيش وزراؤنا في هذا البلد؟
هل يعرفون حجم الديون التي بالكاد يستطيع لبنان الإيفاء بفوائدها؟
أليس بالإمكان، ولو لمرة واحدة، وضع موازنة تراعي وضع الناس لا وضع الطبقة الحاكمة؟
***
ربما آن الأوان ليُصار إلى التفكير بما يريح المواطن لا بما يريح السياسيين، الذين في نهاية المطاف يعرفون كيف يتدبَّرون أمورهم.