Site icon IMLebanon

ضياع البوصلة

دخل ملف الرئاسة اللبنانية يومه السابع والثلاثين بعد المئتين، وهو سابح في فضاء المجهول، بلا معطيات داخلية تطمئن، أو دولية اقليمية، تبعث الأمل.

بعض الارتياح كان ترتب على الحوارات الدائرة بين تيار المستقبل وحزب الله من جهة، والتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية من جهة ثانية، في ضوء ما تمخّضت عنه ميدانياً، من دخول فهود شعبة المعلومات الى حصن المتشددين في المبنى ب بسجن رومية، الى توجه جحافل الخطة الأمنية في مرحلتها الثانية نحو البقاع الشمالي، بتمهيد تمثل باعتقال المعلومات لقاتل الشاب إيف نوفل، الموقوف شربل خليل في بلدة بريتال، وتحوّل الرهان على مقاربة المستقبل وحزب الله للملفات الأمنية ذات الطابع السياسي، بعد نجاح الامتحان الأمني في رومية وبريتال، كأن يوافق الحزب على المناقشة في موضوع سرايا المقاومة التي يعتبرها جزءاً من وجوده، بينما يرى فيها تيار المستقبل عنصر استفزاز اضافياً. وقد جهّز تيار المستقبل خريطة تظهر انتشار سرايا المقاومة من طرابلس شمالاً حتى شبعا جنوباً، في خرق للبيئات الأخرى، يتطلب المعالجة.

وجرى ربط موضوع سرايا المقاومة، بوقف الحملات الاعلامية، في حين اتفق على متابعة الجهود من أجل التهدئة، ريثما تعالج الملفات السالفة، كمقدمة للانتقال الى رئاسة الجمهورية.

والظاهر ان سرايا المقاومة هي في نظر الحزب جزء من مقاومته ومصيرها مرتبط بالاستراتيجية الدفاعية المعلقة البحث، لاعتبارات اقليمية…

لكن عندما تخرج السرايا عن دائرة النقاش بين المستقبل وحزب الله، يدخل الملف الرئاسي في متاه جديد…

على أن عرقلة هذا الملف، ليست في موضوع السرايا وحسب، انما هي أساساً في الحوار التمهيدي بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، والذي كان الرهان عليه كرافعة مسيحية تخرج الرئاسة الأولى من قعر الضياع والتردي.

كان العشم ان يتوصل حوار النائب ابراهيم كنعان مع رئيس التواصل في القوات اللبنانية ملحم رياشي الى نقطة، يلتقي فيها العماد عون والدكتور جعجع على حد أدنى من التفاهم الرئاسي.

وكان الرهان على أن مجرد انعقاد اللقاء بين الرجلين، سيكون اسم الرئيس العتيد للجمهورية ثالثهما، بمعنى ان يتفق العماد والحكيم على الخروج من المرمح الرئاسي لحساب شخصية معيّنة أو أكثر، وسيري فعين الله ترعاك…

واذا بقياديي حزب الله يجددون تبنّيهم لترشيح العماد عون للرئاسة. هذا الموقف القديم المتجدد، جعل الطرف الآخر يدرك بأن الجو الاقليمي ليس مؤاتياً بعد، وطبيعي ان لا يتجاوز المحاور باسم العماد عون الاشارات الصادرة عن حليفه الممسك بزمام اللعبة اللبنانية بمختلف مستوياتها، بما في ذلك مستوى رئاسة الجمهورية، رغم حرصه الدائم على الايماء لكل من يسأله عن الاستحقاق الرئاسي، بمراجعة الجنرال…

وجاء قول الدكتور جعجع ان طهران تقف عقبة في طريق وصوله الى بعبدا، ليضيء على الجانب الأساس في لعبة الرئاسة، فالمطلوب رئيس من غير نسيج جعجع وحياكته ١٤ آذار…

ومن هنا قول رياشي، بعد لقاء الأمس، ان الثقة ما زالت مفقودة بين الطرفين، أي بين القوات والتيار، وشدّد على ان الاتفاق يجب أن يتم على الجمهورية قبل الرئاسة، والرئاسة تدخل في سلّة النتائج وليس ضمن سلّة المسببات، وعند معالجة المسببات يسهل الوصول الى الحلول…

الدكتور سليم سلهب عضو كتلة التغيير والاصلاح، متفائل أكثر، ربما لوجوده خارج طاولة الحوار، وهو يتحدث عن توجه نحو توقيع ورقة تفاهم بين التيار والقوات، على غرار التفاهم بين التيار وحزب الله، وقد تحدث عن جدّية في الحديث وعن ايجابية في الحوار، لكنه أكد على ان لا مشكلة في الانتظار.

في الأمثال، ان على الفريق أن يسبح كي يصل الى البرّ… ومشكلتنا في لبنان، ان السبّاحين القادرين على ايصاله الى برّ السلام، فقدوا البوصلة، فاعتمد معظمهم على البوصلات الخارجية، وهنا جوهر المشكلة.