Site icon IMLebanon

زمن الإرباكات  وفقدان البوصلة

أسبوع يمرُّ وأسبوع يبدأ، والأزمات تتراكم كالنفايات، ولا معالجة لها في غياب المطامر السياسية.

هكذا علَّق أحد الخبراء السياسيين على ما يشهده البلد من تجاذبات وصلت إلى حدِّ الإحتقان من دون أن تبلغ حدَّ الإنفجار.

لكن على رغم هذا التوصيف فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو:

ماذا يمكن أن يحصل هذا الأسبوع على مستوى التهديدات التي أطلقها العماد ميشال عون؟

اللافت أنَّ تهديدات الجنرال لم تلقَ ردات فعل كبيرة، ما يعني أنَّ الجميع تقريباً في انتظار ترجمة هذه الخطوات على الأرض لتكون لهم ردات فعلٍ في وقتها، ولكن منذ الآن بدأت الضوابط توضَع في هذا المجال.

فرئيس مجلس النواب نبيه بري حدَّد سقف هذا التحرك من خلال اعتباره أنَّ التهديد بالنزول إلى الشارع هو حقٌّ مكفول، ومن حقِّ العماد عون ديمقراطياً أن يتحرك ويتظاهر ولكن بالقانون ومن دون تعطيل لمجلس الوزراء أو المجلس النيابي أو أحوال البلد.

لكن هل سيقبل العماد عون بهذا السقف؟

وهل سيرضى بتحركٍ من دون تعطيل الحياة العامة؟

الجنرال يعرف أنَّه من دون تعطيل فإنَّ تحركه لن يكون مجدياً، ولكن هل سيُتاح له هذا التعطيل؟

المراقبون يعتبرون أنَّ تحرك الخميس سيكون محفوفاً بالمخاطر إذا لم يتم ضبطه، فإذا كانت المعلومات صحيحة عن أن إحدى نقاط التحرك ستكون في اتجاه وزارة الدفاع وقيادة الجيش، فإنَّ هذه النقطة لن تكون مسموحة على الإطلاق، لأن هناك خشية من أن يكون هناك مندسون بإمكانهم إحداث قلاقل وتوتّرات، والأخطر من كلِّ ذلك أن يدخل إرهابيون خطِرون على الخط، فيعمدون إلى القيام بتوتّرات أمنية تحت غطاء حركة الإعتصامات والتظاهرات التي يمكن أن تحصل.

وما ينطبق على وزارة الدفاع وقيادة الجيش ينطبق بدوره على السراي الحكومي، المعنيون بملفِّ الإستقرار يجزمون بأنه لن يكون مسموحاً لأحد إقفال الطرق الحيوية أمام اللبنانيين وتلك المؤدية إلى المقار الرسمية، وإلى السراي الحكومي تحديداً، لأنه مقرٌّ عام له حرمته وحصانته ومحيطه الذي يجب أن يبقى آمناً ومستقراً، وإنّ أيّ تحرّك لا يراعي هذا الأمر وكذلك سلامة الممتلكات العامة والخاصة لا يمكن السماح به.

إنطلاقاً من هذه الضوابط البديهية، ما هو المدى الذي يمكن للعماد عون أن يصل به في تصعيده؟

هناك مَن يعتقد أنَّ التحرك سيكون في نقاط معينة من شأن تجاوزها أن يُنذر باندلاع توترات أمنية لا تُحمَد عقباها، فعلى سبيل المثال لا الحصر، هل يُدرِك العماد عون منسوب التوتر فيما لو قرر التحرك في اتجاه كورنيش المزرعة أو الطريق الجديدة؟

وفي المقابل، ما هو جدوى التحرك في الأشرفية أو الجديدة أو الحازمية أو جونيه؟

وتأسيساً على كلِّ ما تقدَّم، ماذا ينفع النزول إلى الأرض في مثل هذه الحالات المستعصية؟

يُخطئ مَن يعتقد بأن العماد عون في مواجهة مجلس النواب، ثم دعوته له لإنتخابه، وهذا ما جعل الرئيس نبيه بري يردُّ بالقول:

كيف أحترم نفسي إذا انتخبت العماد عون رئيساً فيما هو يصفني بعدم الشرعية؟

إنه زمن الإرباكات وفقدان البورصة، وأعان الله هذا البلد.