Site icon IMLebanon

الحلم المفقود

بعد قرابة ثلاث سنوات على الشغور في موقع رئاسة الجمهورية، ما زالت صورة هذا الاستحقاق قاتمة، ولا شيء يشي بإمكان حصول خرق في المدى المنظور، من شأنه أن يفتح ثغرة ضوء على هذا الاستحقاق، ذلك لأن مواقف الأطراف المعنية به، ما زالت على حالها، فتيّار المستقبل الذي تردّد مؤخراً أنه عدّل في موقفه بإيعاز سعودي، وبات ميّالاً إلى التخلّي عن مرشحه النائب سليمان فرنجية، والالتحاق بركب حزب الله الذي يصرّ على العماد ميشال عون مرشحاً وحيداً للرئاسة الأولى، فإمّا أن تؤيّد هذا التوجّه كل القوى السياسية والنيابية، فيصير للبنان رئيس للجمهورية، يملأ الفراغ في هذا الموقع الأساسي في لبنان، ويُعيد للمؤسسات المشلولة من مجلس النواب والحكومة إنتظامها وتفعيلها وإمّا أن يستمر الشغور في موقع الرئاسة الأولى وتستمر معه أزمة البلد المفتوحة على كل الاحتمالات في ظل الأوضاع الملتهبة في الإقليم ولا سيّما في الجوار السوري، جاء بيان كتلته النيابية يؤكّد من جديد إلتفافه وراء زعيم التيار الرئيس سعد الحريري جبهاً لكل المحاولات التي يقوم بها حزب الله لدق إسفين داخل تيّار المستقبل، كما يؤكّد الالتزام بدعم ترشيح فرنجية لرئاسة الجمهورية.

هذا الوضوح في بيان كتلة نواب المستقبل على ماذا يؤشّر، إنه يؤشّر على أمر مهمّ هو نعي إمكانية تأييد مرشح حزب الله لرئاسة الجمهورية لا اليوم، ولا في 28 أيلول، ولا في أي موعد آخر في المستقبل المنظور وغير المنظور، وبالتالي فإن الأزمة الرئاسية مستمرّة، والوضع العام للدولة إلى مزيد من التدهور مؤسساتياً واقتصادياً واجتماعياً، وما على حزب الله إلا أن يُعيد النظر في حساباته إذا كان معنياً كما يقول باستقرار الدولة وإعادة لملمتها بعد التشظي الذي أصاب كل مؤسساتها نتيجة التمسّك بتعطيل الانتخابات الرئاسية، إلا في حال رضخ الآخرون لمشيئته وتم انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية بلا منازع.

وعندما ينعى تيّار المستقبل وصول العماد عون إلى رئاسة الجمهورية، ويُعلن في ذات الوقت تصدّيه لمحاولات حزب الله ليس زعزعة الاستقرار الداخلي فحسب وإنما إسقاط الدولة التي تقوم على قوّة واستمرار مؤسساتها الدستورية من رئاسة جمهورية ومجلس نيابي وحكومة تعمل بانتظام، لتسيير شؤون المواطنين ريثما يتم انتخاب رئيس للبلاد وفق الآليات الدستورية المعمول بها، فمعنى هذا أن لا انتخاب رئيس في المدى المنظور وهو ما ألمح إليه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط في إحدى تغريداته، التي تناول فيها الأزمة التي تعصف بهذا الاستحقاق الذي يعلّق معظم اللبنانيين آمالاً كبيرة على انحسارها، لا سيّما بعد المعلومات التي سرّبت مؤخراً عن إمكان تخلّي زعيم تيّار المستقبل عن النائب فرنجية وانضمامه إلى مؤيّدي وصول العماد عون إلى قصر بعبدا، وتبيّن أن حزب الله يقف وراءها بقصد حشر الحريري وإظهاره أمام الرأي العام اللبناني بأنه يُعرقل إنتخابات رئاسة الجمهورية تنفيذاً لرغبة المملكة العربية السعودية التي كما يدّعي الحزب تتخذ من لبنان قاعدة لتعزيز وتوسيع نفوذها في الإقليم.

مما لا شك فيه أن الاتصالات الداخلية والخارجية في شأن أزمة الاستحقاق الرئاسي، وتسهيل عملية إنتخاب رئيس للجمهورية يوقفان الانهيار المتدحرج نزولاً وصلت إلى الطريق المسدود، ولا يوجد في الأفق المنظور أي مؤشّر على إمكان حصول أي خرق في هذا الجدار السميك وبات يتعيّن على اللبنانيين أن يتعايشوا مع هذا الوضع، بكل ما له من سلبيات على مجمل الأوضاع السياسية والاقتصادية إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً.