الموفد الفرنسي مدير دائرة الشرق الأوسط جان فرانسوا جيرو يواصل مشاوراته مع القيادات اللبنانية ومع القيادات المسيحية على وجه الخصوص لإيجاد مخرج لأزمة الشغور في رئاسة الجمهورية والتي تجاوزت المئتي يوم، أي أنها تجاوزت النصف سنة واقتربت من السنة، من شأنه أن ينقذ لبنان من فراغ مؤسساته الدستورية ونظامه الفريد في المنطقة من السقوط، ومع سقوطه المدوي تنتهي ما تسمى بأزمة الوجود المسيحي في منطقة الشرق الأوسط بدءاً من العراق مروراً بسوريا وانتهاءً بلبنان الذي يعتبر قبلة المسيحيين في هذا الشرق.
وهذه الحركة الفرنسية في اتجاه لبنان والتي سبقتها حركة روسية تمثلت بنائب وزير الخارجية لحثّ القيادات اللبنانية والمسيحية على وجه الخصوص لترك مصالحهم الشخصية جانباً والعمل الجدّي من أجل تأمين مصلحة الوطن والتي تمكن فيها مصلحة المسيحيين المهددين بالانقراض، وهذا التحرك الفرنسي – الروسي يشكل أكبر دليل على القلق الذي يساور الغرب والشرق معاً على هذا البلد الذي إسمه لبنان، ويهمهم أن تعي القيادات المسيحية خطورة تصرفاتهم على الكيان وعلى المسيحيين عموماً وتتخلى عن نزاعاتها ونكاياتها وارتباطاتها الخارجية والداخلية من أجل إنقاذ بلدهم وشعبهم من الخطر الداهم والناتج عن استمرارهم في خلافاتهم من أجل الوصول الى السلطة ولو كان هذا الوصول على حساب الوطن والكيان والنظام.
إن هذه الحركة الغربية والشرقية في اتجاه لبنان شكلت حافزاً جديداً لبكركي لكي تعمل في ذات الاتجاه الدولي وتبدأ تحركها للملمة الوضع المسيح المتفسخ من خلال جمع قياداتها تحت قبة بكركي والاتفاق على توجه واحد بالنسبة الى ملء الشغور في رئاسة الجمهورية يُنهي مأساة المسيحيين ويعيد لهم الثقة بأن هذا البلد لا يزال واقفاً وسيبقى كذلك ولن تلغيه المصالح الشخصية والفئوية ولا تضارب المصالح الإقليمية والخارجية، لكن سيّد بكركي يدرك صعوبة مهمته نظراً لتضارب مصالح القيادات المسيحية وتمسك كل واحد منهم بشد بساط رئاسة الجمهورية في اتجاهه طمعاً منه في الاستئثار بهذا الموقع الذي من شأنه أن يؤمّن له مصالحه الشخصية التي غالباً ما تكون على حساب مصلحة البلد ومصالح مسيحييه على وجه الخصوص وهم الآن يعيشون خيبة تضارب المصالح الشخصية وخطرها على الوجود المسيحي، حيث تجاوزت الهجرة منهم الى الخارج أكثر من خمسة وعشرين بالمئة وفقاً لأحدث الاحصاءات الرسمية وما يخشاه غالبية اللبنانيين أن تفشل بكركي هذه المرة كما فشلت في السابق بحمل القيادات المسيحية على التوافق فيما بينها على إسم رئيس الجمهورية وتقدمه الى القيادات الإسلامية في الطوائف الثلاثة ليتوّجوا ذلك بملء الفراغ في رئاسة الجمهورية برئيس توافقي يعيد الاعتبار الى هذا البلد الغارق في الأزمات والمهدد فيه الوجود المسيحي بشكل خاص.