Site icon IMLebanon

الأمل المفقود

 

من العاصمة البريطانية ردّ الرئيس المكلف سعد الحريري على الصرخة التي أطلقها رئيس الجمهورية من بعبدا للإسراع في تشكيل الحكومة لأن الوقت لم يعد لا في صالح العهد، ولا في صالح البلد الذي يتخبّط على كف عفريت، بأننا بتنا على مسافة قصيرة من ولادة الحكومة، وانه فور عودته إلى بيروت سيتابع مع رئيس الجمهورية ما وصل إليه هذا الملف في ضوء المشاورات التي أجراها الرئيس عون مع حزب الله والنواب السُنَّة الستة.

غير ان كلام الرئيس المكلف من لندن لا يعكس حقيقة الصورة التي تكوّنت عند رئيس الجمهورية بعد المشاورات التي أجراها في بعبدا مطلع هذا الأسبوع، والتي تُشير إلى ان الباب امام التشكيل لا يزال مغلقاً أو معلقاً على شماعة الشرط الذي وضعه حزب الله للافراج عن الحكومة، وهو توزير أحد النواب السُنَّة الستة في الحكومة العتيدة وهذا ما عكسته التصريحات التي أدلى بها عدد من هؤلاء النواب بعد الاجتماع إلى رئيس الجمهورية والتي تؤكد على انهم لا يزالون على موقفهم من الاشتراك في الحكومة، لأنه حق لهم لا يُمكن الجدال فيه ولا التنازل عنه.

ولم تنته المشكلة عند تمسك النواب السُنَّة الستة بمطلب توزير أحدهم في الحكومة العتيدة، بل أضاف عليها رئيس التيار الوطني جبران باسيل ومن العاصمة البريطانية ايضا، تعقيدات إضافية تقول بعدم التنازل عن الثلث المعطل في أية تشكيلة يقترحها الرئيس المكلف، ما يعني ان الأمور ما زالت على حالها من التأزم والتعقيد، وما يبشر به الرئيس المكلف لا يتعدى التمنيات لكي يستمر الحوار بين الأطراف المعنية ولا يتحوّل إلى قطيعة يدفع البلد ثمناً لها من استقراره الهش، الا إذا كان الرئيس المكلف قرّر تقديم تنازلات جديدة كأن يقبل بتوزير أحد النواب السُنَّة الستة على حساب حصته بعدما فشلت كل الجهود التي بذلت لاقناع رئيس الجمهورية بالتخلي عن الوزير السُني المصنف في حصته، بما يرضي حزب الله ويقنعه بالافراج عن الحكومة وبما لا يجبر الرئيس المكلف على ان يقدم تنازلات جديدة مرفوضة من قبل تيّاره ومن قبل الفريق الذي من المفروض انه يمثله في الحكومة العتيدة، لكن هذا الحل للأزمة الوزارية العالقة لم يعد وارداً ولا ممكنا بعد الموقف الجديد الذي اطلقه الوزير باسيل من العاصمة البريطانية ردا على ما سرب في وسائل الإعلام من كلام منسوب إلى الرئيس نبيه برّي يرى فيه ان الحل السليم للخروج من الازمة الراهنة يكمن في ان يتنازل رئيس الجمهورية عن الوزير السُني لمصلحة النواب السُنَّة الستة، لا ان يتنازل هؤلاء النواب عن حقهم في توزير واحد منهم استناداً إلى المعيار الذي اعتمده رئيس الجمهورية والرئيس المكلف في تشكيل الحكومة، ويدل كلام الرئيس برّي على انه لا يزال متضامناً مع حزب الله بالنسبة إلى اشراك أحد النواب السُنَّة الستة، فلا هو ولا الحزب في وارد التنازل عن هذا الشرط، حتى ولو استمر التعثر في التشكيل إلى ما بعد انتهاء السنة الحالية.

إن كل هذه المؤشرات تترك انطباعاً عاماً بأن صرخة رئيس الجمهورية لم تلق أي صدى تجاوب عند حليفه حزب الله المعني الأوّل في استمرار الأزمة الحكومية، حتى ان البعض يقول بأنها كانت صرخة في واد، وان التفاؤل المتجدد للرئيس المكلف بقرب ولادة الحكومة قبل نهاية السنة لا يعدو كونه مجرّد تمنيات لا أساس لها على أرض الواقع.