IMLebanon

الرئاسة المفقودة

كل التوقعات بانتخاب نائب زغرتا سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية قبل حلول العام 2016، تلاشت إلى درجة الصفر، وإقتنع اللبنانيون بأنهم سيطوون العام 2015 بلا رئيس وبلا آمال على احتمال إنجاز تسوية لهذه الأزمة الرئاسية في المستقبل المنظور، وهذا الأمر ينطبق على السياسيين، حتى أن أصحاب التسوية أنفسهم، باتوا مقتنعين بأن اللعبة أكبر منهم، وميالين إلى التراجع عن المبادرة التي ألقوها قبل بضعة أسابيع وربما سحبها من التداول، بانتظار أن تتاح ظروف أفضل تسمح بإعادة فتح هذا الملف المعقد داخلياً وحتى إقليمياً ودولياً بالرغم من بعض المؤشرات الإيجابية التي ظهرت على هذين الصعيدين بعيد إطلاق المبادرة، وقيل على ضوئها انها جاءت نتيجة تناغم إقليمي ودولي هدفه إبعاد هذا البلد عن النيران المشتعلة في المنطقة.

فلبنان إذاً باقٍ بلا رئيس حتى إشعار آخر، وعلى اللبنانيين أن يعتادوا على هذا الوضع، ويتدبروا شؤونهم على هذا الأساس ولا يعيروا أي اهتمام لما يسمعونه من السياسيين من كلام معسول بالتفاؤل عن اقتراب الفرج والخروج من هذه الأزمة، لأنهم يبطنون عكس ما يقولون ويروجون، ولو كانوا صادقين لما فوتوا الفرصة وانتخبوا رئيساً للجمهورية كما أشاعوا في السادس عشر من هذا الشهر، وطووا بذلك هذه الصفحة  السوداء من تاريخهم السياسي، وحتى من تاريخ لبنان، واعادوا بذلك الأمل إلى اللبنانيين المحبطين والذين فقدوا كل أمل وأصبح كل همهم منصباً على البحث عن موطن آخر في بلاد الله الواسعة، يوفّر لهم الحد الأدنى من الاستقرار والعيش بكرامة.

يقول معترضون من فريق 14 آذار ان التسوية المقترحة جاءت لتكرس انتصار فريق على فريق آخر، وبالتالي فهي مرفوضة ومن الأفضل أن يبقى الوضع على حاله وإن كان الثمن غالياً. ذلك ان القبول برئيس من الفريق الآخر معناه الرضوخ التام لمشروعه المناقض تماماً لثوابت ثورة الأرز في الاستقلال والسيادة وبناء الدولة العادلة والقادرة التي تملك وحدها السلاح واتخاذ قرار الحرب والسلام، فأي تسوية تكون هذه التي يطلقونها.

أما المعترضون عليها من الفريق الآخر والمقصود بذلك حزب الله، فحجتهم الظاهرة انهم ملتزمون بمرشحهم وليس من عادتهم التخلي أو الطعن بالظهر بصرف النظر عن المرشح المقترح من فريق 14 آذار، والتجائه إلى فريقهم سواء كان هذا الطرح جدياً أم كان مناورة الهدف منها البلبلة في صفوفهم أو إحداث خرق يؤدي إلى إحداث تغيير في التوازنات والمعادلات القائمة على الساحة الداخلية.

وبين هذين الاعتراضين علقت المبادرة التسووية، وبقيت معها الأزمة الرئاسية وطوى اللبنانيون ألعام بلا رئيس وقد يطوون العام الجديد وربما عدّة أعوام أخرى في ظل استمرار الفراغ في رأس الدولة.