Site icon IMLebanon

الاستحقاق الرئاسي ضائع بين الصلوات والأمنيات والوقائع…؟!

 

تترسخ في قناعة الغالبية الساحقة من القوى السياسية قناعة باستحالة وصول أي من المرشحين الرئيسيين (ميشال عون وسمير جعجع) الى القصر الجمهوري، ووضع حد نهائي للفراغ في سدة رئاسة الجمهورية الذي دخل يومه السابع والاربعين بعد المئتين… في وقت تزداد المخاطر المحدقة بلبنان من الخارج، كما من الداخل، وتلقى التبعات، على الحكومة التي بات كل وزير منها رئيساً للجمهورية، كما على الجيش اللبناني، والقوى الأمنية، اللذين يحظيان – حتى الساعة – بتغطية سياسية شاملة، توفر لهما سنداً بالغ الأهمية في مواجهة التهديدات الارهابية التي باتت في الداخل اللبنانيه، متسللة عبر الحدود البرية مع سوريا – ويدفع فيها الجيش المزيد من الشهداء والاصابات، وهو ينتظر تنفيذ الوعود بتعزيز قدراته…

أكثر من مرة، تساءل البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، شفاه الله، عن معنى هذا «الاستهتار السياسي» الذي يولد في غياب رئيس للبلاد «الفوضى ويستبيح التعدي على المال العام ومرافق الدولة، ويعطل أجهزة الرقابة، وينشر الفساد في الادارات العامة، ويسهل الرشوة على حساب الدولة وأموالها وأملاكها ونموها وتقدمها…» داعياً «النور الآلهي»، في «مثالية جلية» ليساعد المسؤولين السياسيين ليروا الأخطار الوخيمة على الكيان اللبناني والمؤسسات الدستورية التي يحدثها عدم انتخاب رئيس للجمهورية…» لكن «على من تقرأ مزاميرك يا داود…»؟!

وعند فشل كل جلسة انتخابية، بسبب عدم اكتمال النصاب، يحضر المطارنة الموارنة، داعين المجلس النيابي، الممدد لنفسه، الى «القيام بواجبه الدستوري في انتخاب رئيس للجمهورية» لأنه من دون رئيس «لا قيام ولا انتظام للمؤسسات…» حيث «كلما طال الفراغ في سدة الرئاسة الأولى تعرض لبنان للانكشاف أكثر داخلياً وخارجياً، وزادت التعقيدات في الملفات الوطنية».

لقد فتحت «الدعوات الآلهية» باب الحوارات بين أفرقاء أساسيين في الداخل، الأبواب أمام مسحة من التفاؤل الايجابي، بإمكان تجاوز العقبات التي تحول دون انتخاب رئيس للجمهورية، لكن شيئاً من هذا لم يحصل بعد؟!.

لقد بات واضحاً ان الحوارات التي تجري، وتلك التي يعدّ لها، لم تصل بعد الى مرتبة التوافق العام… لا على مستوى الحوار الجاري بين «المستقبل» و«حزب الله»، ولا على مستوى الاعداد للحوار الموعود بين «التيار الحر» و«القوات اللبنانية…» فأولوية الافرقاء كافة، هي في مكان آخر، والاتفاق على رئيس جديد للجمهورية هو نتاج توافقات تمهد له، لا أولوية…

الاولوية بالنسبة الى «حزب الله» و«المستقبل» تكمن في «تنفيس الاحتقان المذهبي» والأمن الذي يهدد بكوارث وطنية حقيقية، وسط تداعيات وتطورات إقليمية مفتوحة على كل الاحتمالات… وقد نجح الفريقان باحداث نقلة نوعية لافتة على هذا الخط، مهدت لانجاز العديد من المهمات العسكرية والأمنية ما كانت لتكون لولا «شبكة الأمان السياسية هذه…». وأيضاً بالنسبة الى «التيار» و«القوات»، اللذين يفاخران أنهما، وبعد نحو ثلاثين سنة من القطيعة، اتفقا على اسقاط الدعاوى المتبادلة بينهما». وليفتحا باب اللقاءات تمهيداً لوضع ورقة تفاهم، لن تتطرق مباشرة الى الاستحقاق الرئاسي، ليدخلا اليه مواربة عن طريق البحث في «أية جمهورية تريد…».

يرمي كثيرون كرة مسؤولية عدم انجاز الاستحقاق الرئاسي في ملعب «التوافق الخارجي، الدولي والاقليمي، وتحديداً أكثر في ملعب العلاقات السعودية – الايرانية، التي، وان لم تصل الى مرتبة القطيعة الكلية، إلا أنها لم ترقَ الى مستوى التفاهم الذي يبنى عليه توافق داخلي يرفع العوائق من طريق انجاز الاستحقاق الرئاسي، في وقت لا تظهر الولايات المتحدة، والدول الاوروبية عموماً سوى بعض الدعوات لانتخاب رئيس «في أسرع وقت ممكن»… وهي دعوات لا تلقى في الداخل اللبناني أية استجابة… كما ان آخرين يرمون كرة المسؤولية في ملعب «التوافق المسيحي – المسيحي» على قاعدة: «فليتفق الافرقاء المسيحيون على مرشح لرئاسة الجمهورية، ونحن معهم في ما يتفقون عليه…» لكن هذا لم يحصل، ولن يحصل في المدى المنظور، الأمر الذي جعل المطارنة الموارنة لا يترددون في ابداء الخشية من ان «يبقى هذا الحوار على مستوى ادارة الخلافات الثنائية، فيما نحن أحوج ما نكون الى حوار شامل يستلهم الثوابت اللبنانية…» مؤكدين ان «لا مستقبل واعداً للبنان اذا استمر أسير المحاور الاقليمية وتلك الداخلية الناشئة عنها، ورهين المصالح الفئوية والحسابات الخارجية…».

لقد استسهل الافرقاء «المسيحيون» المعنيون تبرير عدم انعقاد الجلسات النيابية المخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية… وان أظهرا شيئاً من الاستغراب لتحول هذه الجلسات «الى نوع من المزاح» كدليل على ان هذه العملية «انتقلت من أسمى عمل سياسي يمكن ان يقوم به النواب، الى هذا المستوى المتدني…» لكن ما العمل؟!

«القواتيون» على قناعة ثابتة لا تتبدل، وهي «ان هم» العماد عون ان يصبح رئيساً للجهورية… ولا يمكن المراهنة على تغيير موقف جنرال الرابية» الذي هو على قناعة راسخة بأن مصير الجمهورية موقوف على «رئيس قوي ويحظى بغالبية نيابية…».

بين «القوات» وبين «التيار» تنقلب الخيارات ويضيع الاستحقاق «ولا يملكان سوى ان تلعب بكركي ومعها الفاتيكان دوراً في الملف الرئاسي…» وهما، أي بكركي والفاتيكان لا يملكان إلا «الأدعية» و«الصلوات» التي لا تسمن ولا تغني من فراغ…» مفتوح على مداه ولبنان يعيش أدق مرحلة في تاريخه في مواجهة المخاطر الأمنية من الجنوب، كما من الشرق والشمال والبحر… واللبنانوين يستجدون تفاهمات حول القضايا الوطنية وأهمها انتخاب رئيس جديد للجمهورية؟!.