IMLebanon

الوقت الضائع

بعد إنحسار حركة الإتصالات والمشاورات بين القوى السياسية اللبنانية في شأن ملف الاستحقاق الرئاسي لأن الطريق ما زال مسدوداً بأحجار إقليمية، إرتفع جدارها إلى الحدود التي لا تسمح بأي اختراق، بعد هذا الإنحسار تحوّل البحث إلى ملفات أخرى لا تقلّ تعقيداً ومنها وضع قانون جديد للإنتخابات النيابية التي تستحق في شهر حزيران من العام المقبل، مرفقاً بمبادرة للرئيس نبيه برّي تقضي بتقصير ولاية المجلس الحالي وإجراء إنتخابات نيابية تسبق الإنتخابات الرئاسية على أن يتعهّد النواب الجُدد ومرجعياتهم بعدم مقاطعة جلسات الإنتخاب وبالأحرى الإلتزام بالحضور وانتخاب الرئيس ولو بالنصف زائداً واحداً، إلا أن هذه المبادرة اصطدمت بمعارضة واسعة من قبل ما تبقى من فريق 14 آذار وأصرّوا على إنتخاب الرئيس قبل الإنتخابات النيابية، وفي ذات الوقت تعثّرت أعمال اللجنة الخاصة بوضع قانون جديد للإنتخابات بل ووصلت إلى الطريق المسدود بسبب إصرار حزب الله وحليفه العماد ميشال عون على اعتماد النسبية الكاملة أو اعتماد القانون الأرثوذكسي، وما كان من اللجنة الخاصة سوى أن توقف إجتماعاتها وتسلّم المفتاح إلى رئيس المجلس لعلّه ما زال قادراً على اجتراح حلول أو مخارج جديدة تُبقي على الحركة المتصلة بالإستحقاق الرئاسي وبالحياة السياسية الداخلية على وجه الخصوص.

في ظل هذا التعثّر والجمود برزت بارقة أمل أطلقها رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط بإعلانه عدم الممانعة في انتخاب رئيس تكتل التغيير والإصلاح رئيساً للجمهورية في حال حصل على موافقة القيادات المسيحية قاطبة، هذه المبادرة الجنبلاطية حرّكت مياه الاستحقاق الرئاسي الراكدة وتجدد الكلام في الوسط السياسي عن بوادر إيجابية دخلت على خط الجمود الذي يلفّ هذا الاستحقاق من شأنها أن تعيد فتح الأبواب الرئاسية وتعطيها الأولوية على ما عداها من الاستحقاقات، وذهب البعض إلى حدود توقّع انتخاب رئيس في شهر آب المقبل، ثم جاء تصريح الوزير السابق وئام وهّاب بعد لقائه العماد عون في الرابية أمس وتأكيده أن الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله سلّم مفتاح رئاسة الجمهورية والحكومة إلى العماد عون وعلى رئيس تيّار المستقبل أن يلتقط هذه الرسالة، ويُعيد بناء الجسور معه لتوسّع نافذة الأمل في جدار الرئاسة المسدود، وتعطي كلام رئيس اللقاء الديمقراطي الإيجابي عن عون مصداقية كبيرة، إلى حدّ أن أكثر من طرف داخلي فاعل بدأ يتحدث عن إنفراجات واسعة وعن إتصالات ومشاورات أوسع تمهّد لإنجاز هذا الإستحقاق الذي يقضّ مضاجع كل اللبنانيين، لكن الهواجس من أن يكون مصير ما يشاهده اللبنانيون من حراك رئاسي هو حقيقي أم أنه عملية إلهاء ولعب في الوقت الضائع، ما دام الجميع يعترفون بأن هذا الملف ليس في يدهم بل هو مصادر خارجياً وإقليمياً.