IMLebanon

الوقت الضائع إذا ما طال فإنه يؤدي إلى اتساع الضياع

 

تمرُّ الأيام والسياسة اللبنانية عالقة في حقل ألغام، إنْ هي خاطرت وتحركت فإنَّ هناك خشية من أن ينفجر فيها لغم يطيح بكل الإنجازات، وإنْ هي لم تتحرك فإنَّ الجمود قاتل، وبين السقوط في لغم والسقوط في الجمود، فإنَّ السياسيين يحاولون الخروج من المأزق وإخراج البلد مما هو فيه ومما هو عليه.

مرَّ شهران ونصف الشهر من عمر مجلس النواب الجديد، لم تكتمل هيكليته التشريعية إلا أول من أمس بعد انتخاب رؤساء اللجان النيابية وأعضائها ومقرريها.

المجلس الجديد ينتظر الحكومة الجديدة، لأنَّه عملياً لا يستطيع أن يعمل إذا لم تكن هناك حكومة، فدور مجلس النواب هو مراقبة عمل السلطة التنفيذية ومناقشتها ومساءلتها واستجوابها، لكنه لا يستطيع القيام بهذا الدور في وجود حكومة تصريف أعمال، فهذه الحكومة لا تجتمع ولا تقرر ومساءلتها غير ممكنة.

هكذا فإن آلية أداء السلطة، سواء أكانت تشريعية أم تنفيذية، هي آلية بتراء في الواقع الحالي، لأنها تعتمد سياسة الإنتظار ولو بالإكراه، فمجلس النواب الجديد بلجانه الجديدة المكتملة، سينظر في ما هو بين يديه من ملفات قديمة واقتراحات قوانين ومشاريع قوانين ولكن لكي يضعها في الأدراج، لأنَّ لا جلسات تشريعية في غياب حكومة مكتملة الأوصاف.

هذا يطرح إشكالية كبيرة تتعلق بما هو مرتبط بانتظام عمل السلطات في لبنان:

في الشهور الأربعة الأولى من هذه السنة ازدحمت أجندة الحكومة بثلاثة مؤتمرات كبيرة معنية بلبنان:

مؤتمر سيدر ومؤتمر روما لدعم الجيش ومؤتمر بروكسيل لدرس أوضاع النازحين، الجامع المشترك بين هذه المؤتمرات الثلاثة أنها تحتاج إلى آلية متابعة، وهذه الآلية لم يتحقق منها حتى الآن سوى جزء وتبقى أجزاء:

أُنجزت الإنتخابات النيابية لكن الحكومة لم تتشكَّل، والمؤتمرات الثلاثة بحاجة في كل بنودها إلى آليات ترجمة على الأرض يُفترض بالوزارات المعنية أن تقوم بها. فأين هي هذه الوزارات في غياب الحكومة؟

إنَّ صمود القطاعات الخاصة، من مصارف وشركات ومؤسسات ومصانع وإعلام، كيف له أن يستمر إذا لم تكن الدولة قائمة ومكتملة؟

هل على اللبناني، في كل مرة يكون هناك استحقاق ديمقراطي أن يفكر بما بعده من جمود ومراوحة؟

إلى متى بإمكان الإنسان الفرد والمؤسسات الخاصة، الصمود؟

الجواب لم يعد ملك أحد بل هو ملك للحكومة الجديدة التي لم يعد مسموحاً أن يكون التشكيل يراوح مكانه، على رغم مرور كل هذه الفترة، التي يمكن أن تتحول إلى فترة قاتلة تُحبَط فيها كلُّ الجهود التي أنتجتها المؤتمرات الثلاثة، فهل المطلوب أن يكون لبنان بلداً منسياً في وقت يلتقي جبابرة العالم ليتوزَّعوا النفوذ؟