في موسم تراجع المتساقطات الى أقل من نصف معدلها السنوي، ينهمر فيض من متساقطات الكلام والخطب النارية والوعود الوردية الانتخابية على جماهير الناخبين!.. ولكن لا مفاجآت درامية، فلا الأرض تنعم بالري والرطوبة والخصب، ولا الجماهير تأنس أو ترتوي أو تقتنع بفيض الكلام الانتخابي المعسول الذي اعتادوا عليه منذ عقود. ما تغيّر هو ان فيض الوعود الكاذبة كان بمثابة اللقاح الذي يعزز المناعة ضد الكلام المعسول ومتساقطات الخطب الانتخابية تنزلق على ناخبين يرتدون المعاطف الواقية من المطر، ويحتمون بمظلات تقيهم من الخداع بعد اليوم! لا وعود من اليوم وصاعدا، والمقياس الوحيد لاعطاء الثقة والتصويت في الانتخابات النيابية والبلدية، وحتى التعيينات في المناصب الفاعلة هو لمن قدّم نموذجا في الكثير من العمل وقليل من الكلام!
***
ليس من الانصاف تحميل العهد الحالي مسؤولية أزمات موروثة ومتفاقمة منذ ما بعد الحرب الأهلية الأخيرة، وتعاظمت – ويا للعجب! – بعد ولادة الجمهورية الثانية ودستور الطائف الذي انبثق تحت شعار انهاء الحرب واصلاح النظام، وكانت النتيجة ان تفاقم الفساد وسجل ذرى لم يبلغها في التاريخ اللبناني من قبل! وفي لبنان اليوم أزمتان توأمان استعصتا على الحلّ لدى أهل القرار، اما بسبب العجز، واما بسبب التواطؤ، وهما أزمة الكهرباء وأزمة النفايات! وبينما كان المسؤولون يدورون في حيص بيص، برزت ارادة شعبية قطعت الأمل من امكانية صلاح أمر الدولة، وقررت الاعتماد على الذات لحلّ أزمتي الكهرباء والنفايات في نطاقها الجغرافي الصغير ونجحت في ذلك.
***
كان النموذج الأول هو مثال انارة زحلة ومنطقتها بالكهرباء ٢٤ على ٢٤، بمجهود خلاّق كان صاحب المبادرة فيه أسعد نكد وجمهور المستنيرين من أهل زحلة، بينما الدولة لا تزال تراوح بمعالجة الموقت في حلّ أزمة كهرباء لبنان بالموقت من الحلول! أما النموذج الثاني فهو حلّ جذري لمشكلة النفايات في بلدة عربصاليم الجنوبية. وقد تنادت ١٣ امرأة من البلدة لحلّ مشكلة نفاياتها بعد غياب مجلسها البلدي المنحل، وأغرق طوفان النفايات شوارع البلدة وأزقتها ومداخل بيوتها. وتأسست جمعية نداء الأرض بحيوية احدى عضواتها زينب مقلد، وقامت بحملة توعية مع ربّات البيوت في البلدة، وعمّمت ثقافة الفرز من المصدر. وتمّ الحصول لاحقا على معمل تصل اليه النفايات شبه مفرزة، ويقوم باعادة تصنيفها بلاستيك، معادن، زجاج، الخ… وتجهيزها بمكابس ويتم ارسالها الى معامل لاعادة التدوير…
بعد اجراء الانتخابات النيابية وتشكيل البرلمان، وبعد اجراء الاستشارات الملزمة لتشكيل الحكومة، نقترح اعطاء الأفضلية في التوزير لمن كان له فضل العمل، لا سبق الكلام.