IMLebanon

انخفاض أسعار النفط والغاز والاقتصاد العالمي

انخفاض أسعار النفط (25 في المئة) والغاز (20 في المئة) خلال الاشهر الثلاثة المنصرمة يؤدي في حال استمراره الى نتائج اقتصادية قد تساهم في انتشال الاقتصاد في العالم الصناعي من مرحلة الركود.

في المقابل، هذا الانخفاض سوف يدفع حكومات دول الخليج المنتجة للنفط الى عقلنة نفقاتها الاستثمارية وخفض مستويات الدعم للكهرباء، والبنزين وتكاليف النقل، كما ان هذه الدول، ونعني بها السعودية والكويت والامارات العربية وقطر، سوف تختصر معوناتها للدول العربية الاخرى. أما العراق وليبيا، فسوف يواجهان ضغوطاً كبيرة لان التطورات الامنية ألحقت باقتصادي البلدين خسائر فادحة وخصوصاً على مستوى انتاج النفط وتصديره.

على المستوى الدولي، تدل المؤشرات على ان النمو في الولايات المتحدة سيكون على مستوى 2,5 – 3 في المئة سنة 2015، أما في دول الاتحاد الاوروبي، فقد انحسرت تقديرات النمو الى ما دون الواحد في المئة (0,8 في المئة ) وخصوصاً مع تبخر النمو في المانيا وانحسار حجم انتاجها القومي خلال الربعين المنصرم والحالي من هذه السنة.

في بلدان الشرق الاقصى، يفترض ان يستمر نمو الصين على مستوى 7,4 – 7,5 في المئة، وهذا المستوى يقلق الهيئات الدولية لان القاطرة الاقتصادية للاستهلاك والمواد الاولية والمنتجات الترسملية، كمصانع الكهرباء، والاسمنت، ومعامل التكرير، هي الصين وتباطؤ النمو في الصين قد يؤخر النهضة في بلدان أخرى، خصوصاً ان اليابان، ثالث اقتصاد عالمي بعد الصين، لا تنمو بسرعة، وتشجيع الاستهلاك عن سبيل إلغاء الفوائد لم يحقق زيادة في حجم الانفاق، وخصوصاً بعد رفع رسوم الضرائب على القيمة المضافة.

أما الدول المصنعة والمستهلكة الاخرى في الشرق الاقصى، أي كوريا وتايوان والهند والتي يبلغ عدد سكانها نسبة 22 في المئة من سكان الارض، فسوف تحقق في أحسن الاحوال نمواً بمعدل 4,5 – في المئة سنة 2015.

ويبين الجدول المختصر ادناه مستوى مستوردات النفط في البلدان الصناعية الرئيسية في 2013 (مليون برميل يوميا):

الولايات المتحدة 6,6

الصين 6,2

اليابان 4,4

الهند 2,7

كوريا الجنوبية 2,3

المانيا 2,2

فرنسا 1,6

اسبانيا 1,2

ايطاليا 1,1

تايوان 1,1

المجموع 29,4

ان هذه المستوردات كانت على سعر وسطي 100 دولار للبرميل تساوي ثلاثة مليارات دولار تقريباً، أو تريليوناً وخمسة وتسعين مليار دولار سنوياً.

والانخفاض الحالي الى مستوى 80 دولاراً للبرميل يومياً يختصر من هذه التكاليف نسبة 20 في المئة على الاقل بحيث تصير الكلفة اليومية لاستيراد الدول المعنية 2,4 ملياري دولار وتالياً يتأمن لهذه الدول مجتمعة 600 مليون دولار يومياً للانفاق على برامج مختلفة، أو خفض تكاليف الطاقة، أو انجاز مشاريع التجهيز البنيوي التي تحتاج اليها جميع الدول المشار اليها، وأخصها الولايات المتحدة والصين والهند.

يضاف الى هذه الوفورات، ما يتحقق من انخفاض اسعار الغاز، ويقدر وقع هذا الانخفاض، مع احتساب دور الغاز في استهلاك الطاقة في الدول المعنية، واستناداً الى ان سعر الغاز على مستوى الطاقة الحرارية يضاهي 70 في المئة من سعر النفط الخام، وفر يضاهي نسبة 25 في المئة من الوفورات المتحققة على مستوى تكاليف استيراد النفط. بكلام آخر، تصير الكلفة لاستيراد النفط والغاز يومياً نحو 1,9 مليار دولار 2,4 ملياري دولار، بعد اخذ وفورات انخفاض سعر النفط في الاعتبار. وعليه، سيتوافر للدول المعنية من انخفاض اسعار النفط والغاز ما يسواي 750 مليون دولار يومياً يمكن تخصيصها إما للحاجات الملحة، وإما لزيادة فرص العمل، وتحسين التجهيز البنيوي.

لقد أجرى صنوق النقد الدولي دراسة قبل سنتين عن تاثير انخفاض اسعار النفط 10 دولارات للبرميل على سبيل المثال، وفي تقديراته ان هذا الانخفاض يؤدي الى تحسين معدلات زيادة الدخل القومي نصفاً من واحد في المئة على صعيد عالمي.

فاذا احتسبنا ان انخفاض أسعار النفط الذي تجاوز الـ20 في المئة والذي يقدر ان يستمر على هذا المستوى ما دامت تكاليف انتاج النفط من صخور الطفال في الولايات المتحدة، والرمال القارية في كندا توازي 80 دولاراً، الامر الذي يشكل الحد الادنى للاسعار المتوقعة، يمكن توقع تحسن الانتاج العالمي بنسبة 1 في المئة، يضاف اليها وقع خفض أسعار الغاز، فتصير النسبة المتوقعة للنمو الاضافي نحو 1,5 في المئة على الصعيد العالمي.

سيكون هنالك بالطبع تفاوت في المنافع المتحققة من انخفاض أسعار النفط والغاز. فالصين ستكون الدولة المستفيدة الكبرى لان استهلاكها من النفط المستورد سيتجاوز هذه السنة استهلاك الولايات المتحدة التي يزيد انتاجها الداخلي، وحيث ان الصين باتت القاطرة الاقتصادية والاستثمارية على نطاق عالمي، قد يرتفع معدل نموها الى 9 في المئة الامر الذي يؤدي بصورة تلقائية الى تحسن معدلات الانتاج في الولايات المتحدة والصين والهند. والصين حققت معدلات نمو توازي أو تزيد على 9 في المئة سنويا خلال الفترة 1992 – 2008.

اخيراً، لبنان مستفيد من انخفاض الاسعار اذا استمر على مستوى 400 مليون دولار بالنسبة الى دعم الكهرباء وربما بالنسبة الى مستهلكي البنزين والمازوت والغاز، وحتى الكهرباء المستجرة من المولدات الخاصة قد تنخفض كلفتها بما يساوي 600 – 700 مليون دولار، فيكون هنالك متنفس للافراد، في حين تستمر مشكلة عجز الكهرباء ما دام العجز عن التحسين الحقيقي هو الصورة التي نعيشها.