IMLebanon

لويا جيرغا فاشلة  ومعادلات خطيرة ناجحة

ليس بين أركان الحوار من لا تمثيل له في المجلس النيابي وعلى العموم في الحكومة. فلا مكان حول الطاولة، حسب المعيار الذي تحكم بالخيار، لمن هم خارج النادي السلطوي المأزوم، سواء كانوا أهل خبرة وحكمة أو أصحاب أفكار جديدة من ممثلي المجتمع المدني والنساء والجامعات ومراكز الدراسات. ولا مجال، إلاّ في اطار شراء الأحلام وحتى الأوهام، للرهان على أن يفعل هؤلاء في عين التينة ما لا يفعلونه في ساحة النجمة والسراي: اخراجنا من المأزق الذي أوقعوا أنفسهم وأوقعونا فيه بالخيار أو بالاضطرار.

ذلك ان هيئة الحوار صارت نوعاً من لويا جيرغا، ولكن على الطريقة اللبنانية، لا الافغانية. فالوجهاء وزعماء القبائل والعشائر وممثلو الاتنيات في افغانستان تتم دعوتهم الى لويا جيرغا بين حين وآخر لتسوية أزمة فلا يخرجون من الاجتماع إلاّ بالاتفاق على حلّ. وأركان الحوار هنا جعلوه مؤسسة دائمة يتحاورون فيها لساعتين كل شهر، وسط سجالات وفضائح مستمرة بأكبر قدر من الوقاحة والاستهتار وأقل قدر من محاسبة الصغار لحماية الكبار. لا بل ان البحث عن التفاهم الصعب على تشريع الضرورة يدور عملياً في حوار الضرورة، بحيث يلعب الأركان دور السادة على المجلس المسمى سيد نفسه.

ولو لعب المجلس دوره الدستوري وقام بواجبه الوطني في انتخاب رئيس للجمهورية لما كنا في جدل حول شيء اسمه تشريع الضرورة. ولو كانت هناك جدية في انتاج قانون انتخاب يضمن التمثيل السليم والصحيح وفي إقرار موازنة بعد عشر سنين من اللاموازنة والانفاق على المزاج والقاعدة الاثني عشرية، لما وصلنا الى فراغ رئاسي يقترب من السنتين، ومجلس نيابي ممدد لنفسه ومعطل، ومجلس وزراء عاطل عن العمل الا على طريقة أكل السفرجل: كل لقمة بغصة.

والواقع ان الخلاف على قانون الانتخاب ليس مجرد تباين في الاجتهاد وتناتش لأحجام الكتل وهندسة تقنية للدوائر بمقدار ما هو تعبير عن قرار غير معلن خلاصته: لا لاعادة تكوين السلطة. والاصرار على استمرار الشغور الرئاسي ليس مجرد خلاف على أشخاص أو على كون المفتاح في الداخل أو في الخارج بمقدار ما هو رهان على مشروع اقليمي وخطة لابقاء لبنان من دون ضابط للحياة السياسية هو رئيس الجمهورية، بحيث يتولى الطرف القوي دور ضابط اللاسياسة.

والمعادلة الخطيرة واضحة: التحايل لترتيب بعض الأمور وسط الشغور الرئاسي، بدل المسارعة الى انتخاب رئيس. والتمسك بالخلافات على قانون الانتخاب لتبرير التمديد والامتناع عن اجراء الانتخابات.

وفي كل شهر موعد مع لويا جيرغا فاشلة.