IMLebanon

“اللوياجيرغا” اللبناني… متأنقا!

ربما بات اللبنانيون الذين أذهلتهم مجريات جلسة مجلس الوزراء الاخيرة ببدع خارقة غير مسبوقة في السياسة أو في لياقات المخاطبة الرسمية والخاصة والعامة أو في الاجتهادات الدستورية، يرضون بالقليل مما يخرجهم من هذا الاختناق الانحداري لا اكثر ولا اقل. والحال ان لا فائدة ترجى من مزيد من الثرثرة عقب انهيار آخر المعايير الجادة للحكم ليس عبر نمط المشادات والصراخ والغضب داخل السلطة العليا الاخيرة التي تجسد آخر بقايا الهيكل الدستوري فحسب بل اساسا عبر هرطقة “انزال” صلاحيات منفوخة على الوزيرتجيز له ان يحل محل رئيس الجمهورية.

بصرف النظر عن “الفطنة” المذهلة التي زينت لصاحب البدعة تفجير هذه السابقة لم نعد نقف عند مجريات تداعياتها داخل مجلس الوزراء مقدار ما نتساءل كيف يمكن اجتراح تسوية مع “فكر سياسي” كهذا من الآن وصاعدا؟ لا يستدعي الامر مزاحا وخفة ابدا، بل من الخطورة بمكان التعامل مع هذه البدعة كأنها كانت الامتداد للاحتجاج في الشارع تحت عنوان براق يدغدغ “الحرمان المسيحي”. ثمة كثر من المسيحيين على الارجح غضُوا الطرف عن العنوان والوسيلة في التعبير ولو من دون اقتناع ولا تأييد، ولكننا لم نر أو نسمع أو نعاين مسيحيين ذهبوا الى هذا الجنوح في تسخير الدستور وتسخيفه. ولا يشكل اسقاط الرئاسة دفعة واحدة على مقاس الوزير وإناطة صلاحياته الانتقالية به الى حدود التنمر على رئيس الحكومة في البعد الدستوري والسياسي اقل من احدى علامات اعلان الجمهورية اللبنانية دولة هالكة لا فاشلة فقط لو قيض لهذه الهرطقة ان تسري.

لعل الاخطر في هذا المنقلب، وما لم يجر تدارك الأسوأ بأسرع وقت، ان تغدو البدع المماثلة وسيلة حكم الفريق الاعتراضي وداعميه ما دامت معادلة عدم كسر فريق ومنع انهيار الحكومة سترسو الى يوم قيامة انتخابات رئاسية باتت بين أرجل الفيلة الإقليميين الى يوم الدينونة. هذا اللغو المخيف في توازن شديد السلبية رست فوقه الحكومة وأطلق العنان لتعبئات طائفية فوق الشحن المذهبي يعني امرا واحدا هو ربط نزاع الاستنزاف اللبناني على الاستنزاف السوري لا اكثر ولا اقل. فلا يفرحن احد بتمايزات داخل الفريق الاعتراضي ولا بطبيعة الحال بتبدل بعض الاصطفافات المصلحية بين الافرقاء الآخرين. اننا امام لوحة التوغل في الانهيار السياسي من كل حدب وصوب ما دامت هرطقة تقتحم مجلس الوزراء بهذا المضمون تصبح ركيزة متقدمة لتقويض بقايا النظام، ولا شيء سيمنع تكرارها تباعا والإضافة اليها ما لذ وطاب من البدع المتراكمة. ولن نظلم “اللوياجيرغا” الافغاني وسواه من المجالس القبلية والعشائرية بمقارنتها بهذا الشيء الوافد علينا ولو برباطات عنق متأنقة!