لم يكن اللواء الشهيد وسام الحسن، المسؤول الأمني الشخصي للرئيس الشهيد رفيق الحريري فحسب، بل كان جزءاً من العائلة وفرداً من أفرادها وأميناً على أسرارها. هو «الأخ والصديق ورفيق الدرب»، كما وصفه الرئيس سعد الحريري في بيان النعي في ذلك اليوم المشؤوم عندما امتدت يد الإجرام والإرهاب الى اللواء الحسن «حارس أمن» اللبنانيين جميعاً من دون استثناء.
فالعلاقة بين اللواء الشهيد وعائلة الرئيس وعلى رأسهم الرئيس الشهيد، لم تكن في يوم من الأيام طوال حياة الرئيس الشهيد وحتى بعد استشهاده، علاقة موظف برئيس عمله، بل كانت علاقة «أخوية وأبوية» بامتياز. فوسام كان جزءاً لا يتجزأ من العائلة، رافق العائلة منذ بداية مشوارها السياسي في لبنان في أولى حكومات الرئيس الشهيد رفيق الحريري بعد اتفاق الطائف، فكان اللواء الشهيد آنذاك مديراً للمراسم والبروتوكول في رئاسة الحكومة منذ عام 1992 وحتى خروج الرئيس منها. فكان الجميع يرون في وسام «ظل» الرئيس الساهر على أمنه وسلامته داخلياً وخارجياً في لقاءاته العربية والدولية، حافظاً لأسراره الداخلية والخارجية حتى بعد رحيله. فمع الرئيس الشهيد كان اللواء وسيطاً مع خصومه، وناقلاً أميناً لأهم رسائله اليهم، كونه كان مصدر ثقة وأمانة ووفاء ليس بالنسبة للرئيس الشهيد فحسب بل لكل أفراد العائلة.
وبعد اغتيال الرئيس الشهيد، أخذ اللواء الشهيد على عاتقه الكشف عن المجرم الذي يقف خلف جريمة الاغتيال، فكان على رأس شعبة «المعلومات» في قوى الأمن الداخلي في عام 2006 ساهراً على تطويرها وزيادة كفاءتها عديداً وعدّة. واستطاع الى جانب الرائد الشهيد وسام عيد نتيجة تحليل داتا الاتصالات الكشف عن شبكة خطوط الهواتف الخليوية التي راقبت الرئيس الشهيد ونفذت جريمة الاغتيال، والتي استندت اليها المحكمة الدولية في لاهاي عند انطلاقتها وفي قرارها الظني. كما قام اللواء الشهيد آنذاك بإلقاء القبض على الضباط الأربعة بعد اتهامهم من لجنة التحقيق الدولية آنذاك.
علاقة الوفاء والثقة هذه، التي يفتقدها كُثر اليوم، استمرت بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري مع نجله الرئيس سعد الحريري. فالعلاقة بين الرجلين تجاوزت المهام الأمنية الى أخرى سياسية وأخوية، فكان وسام ليس العين الساهرة على أمن الرئيس الحريري فحسب، بل كان يفاوض باسمه، ويجري الاتصالات، لا سيما مع «حزب الله»، ويرتب له الزيارات واللقاءات المهمة.
فكما الوفاء لهذه العائلة، لم يبخل وسام في الوفاء لوطنه، فعمل بصمت من أجل حماية أمن الوطن وجميع اللبنانيين من دون استثناء، فهو من أوقف العشرات من شبكات التعامل مع العدو الإسرائيلي والتجسس لصالحه. كما أوقف وفكك العديد من الشبكات الإرهابية التي كان يرسلها النظام السوري بهدف الفتنة وكشف عناصرها وفضحهم، وعلى رأس هذه المجموعات «فتح الإسلام» التابعة للنظام السوري والذي كشف اللواء الشهيد وشعبة المعلومات ضلوعها في جريمة عين علق في آذار من العام 2007. وعلى الرغم من الحملات التي كانت تستهدفه من قبل حلفاء النظام السوري في البلد لتشويه سمعته وسمعة شعبته بأمر من مركز القرار في دمشق، تماماً كما كانت الحملات عينها تُخاض ضد الرئيس الشهيد رفيق الحريري قبل اغتياله، لم يتوانَ اللواء الشهيد بحنكته الأمنية وأدائه الإحترافي عن كشف أكبر مخطط إرهابي فتنوي بقيادة النظام السوري وفضحه بالصوت والصورة، مجنباً البلد فتنة طائفية كبيرة كان يُخطط لها النظام السوري عبر الوزير السابق ميشال سماحة، الذي أوقفه اللواء الشهيد بالجرم المشهود ناقلاً العبوات والأموال من دمشق الى بيروت من أجل المباشرة بهذا المخطط. فدفع اللواء الشهيد حياته ثمناً لهذا الأمر، بعدما امتدت يد الإجرام والإرهاب لتنال منه نتيجة فضحها.
هذا الوفاء الذي تمتع به اللواء الشهيد وسام الحسن، والذي هو عملة نادرة اليوم كونه من شيم الكرام والكبار، هو ما قابله به أيضاً الرئيس سعد الحريري عبر تمسكه بمحاكمة المجرم سماحة حتى النهاية وعدم السماح بنيله عقوبة مخففة كان يسعى اليها البعض بل أشد العقوبات، وبتمسكه بكشف من خطط ونفذ جريمة اغتيال أخيه وصديقه ورفيق دربه اللواء الشهيد وسوقهم الى العدالة على الرغم من أن القتلة «واضحون وضوح الشمس» وهم «يحاسبون» اليوم في سوريا قبل أن تحاسبهم عدالة السماء لاحقاً.