IMLebanon

ماذا تريد كتلة «الوفاء للمقاومة» من عودة الحملة على الدول الخليجية؟!

على مدى الاسبوعين الماضيين، تجنبت «كتلة الوفاء للمقاومة» النيابية تحميل بياناتها الاسبوعية بعد اجتماعاتها الدورية برئاسة النائب محمد رعد، ما اعتادت عليه من حملات سياسية واعلامية تطاول العديد من دول الخليج وفي طليعتها المملكة العربية السعودية.. وقد رد البعض ذلك الى «اتفاق ضمني» مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي كان يتهيأ ورئيس الحكومة سعد الحريري لحضور القمة العربية الثامنة والعشرين في البحر الميت – الاردن، «وذلك خدمة للبنان ولمصالحه ولدوره في ظل الظروف الدقيقة والبالغة الخطورة والتحديات على المستويات الدولية والاقليمية وما يمكن ان يتركه ذلك من تداعيات على الداخل اللبناني، وسط معلومات أمنية بالغة الدقة تتحدث عن احتمال تسلل «المجموعات الارهابية» من الاراضي السورية باتجاه الداخل اللبناني..»؟!

لم يكن مضى ساعات على انتهاء القمة، والتي كان الرئيس عون أحد أبرز نجومها في الكلمة الوجدانية التي ألقاها، ونالت ثناء وتقدير غالبية اللبنانيين الساحقة وأظهرت القدرة على العبور في بحر الألغام الموزعة، وحقق نجاحاً غير متوقع بتأكيد «التضامن (العربي) الكامل مع لبنان وتوفير الدعم السياسي والاقتصادي له، ولحكومته ولمؤسساته الدستورية كافة..» وهو البند الذي كان يخشى ان يكون محط تحفظ العديد من دول الخليج، خصوصاً السعودية، بل ذهب أبعد حيث لفت الى «حق اللبنانيين في تحرير او استرجاع مزارع شبعا وتلال كفرشوبا اللبنانية والجزء اللبناني من بلدة الغجر، وحقهم في مقاومة أي اعتداء بالوسائل المشروعة وتأكيد أهمية وضرورة التفريق بين الارهاب والمقاومة المشروعة ضد الاحتلال الاسرائيلي.. وعدم اعتبار العمل المقاوم عملاً ارهابياً..» لم يكن مضى ساعات على ذلك، وبالتقاطع مع زيارة الرئيس الحريري الى السعودية الى جانب الملك سلمان وعلى متن طائرته حتى أطلت كتلة «الوفاء للمقاومة» بعد اجتماعها الاسبوعي (أول من أمس) ببيان أعاد الأمور الى «نقطة الصفر» بتجديد الحملة السياسية والاعلامية على المملكة العربية السعودية على خلفية ما يحدث في البحرين واليمن.. الأمر الذي لم يجد تفسيراً مقنعاً سوى أنه رسالة في العديد من الاتجاهات، وبأنه محاولة لعرقلة ما يمكن ان تحدثه علاقات الرئيس عون من تطوير ايجابي مع دول الخليج كافة معززاً بالزيارة الحريرية الى الرياض وما يمكن ان تحدثه من تطورات في الداخل اللبناني، قد يرى فيها «حزب الله» إخلالاً بموازين القوى التي يرى أنها لصالحه حتى اللحظة، خصوصاً وأن التطورات والمواقف الدولية مما يحصل في سوريا توحي بأن «طبخة ما» تجري لصالح «المحور الايراني – الاسدي» الذي «حزب الله» عنصر فاعل فيه على أرض الواقع.

لقد حدث ذلك أيضاً بالتقاطع مع التطور اللافت في المواقف الاميركية من الرئيس السوري بشار الاسد وشكل انقلاباً على سائر المواقف الاميركية السابقة من الأزمة السورية منذ بداياتها، حيث أعلنت السفيرة الاميركية في الأمم المتحدة نيكي هيلي «ان واشنطن لم تعد تركز على اسقاط الرئيس الاسد، وهي تسعى الي ايجاد سبل لانهاء الحرب في سوريا، وان أولوياتنا لم تعد تركز على اخراج الاسد من السلطة..» وذلك بالتزامن مع اقرار وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون بعد لقائه الرئيس التركي رجب طيب اردوغان «بأن وضع الرئيس الاسد على المدى البعيد سيقرره الشعب السوري..»؟!

ليس من شك في ان موقف كتلة «الوفاء للمقاومة» أول من أمس، والحملة المتجددة على  البحرين واستحضار «الذكرى الثانية للعدوان الاميركي – السعودي المتواصل ضد اليمن وشعبه وما يتسبب به من مجازر وحشية وجرائم موصوفة ضد الانسانية» لم يكن بريئاً، او مجرد تسجيل موقف، خصوصاً مع انتهاء القمة وما خرجت به ازاء لبنان وحكومته وسائر مؤسساته.. فالمسألة على ما يعتقد متابعون «حرب استباقية» وزرع الألغام في طريق احياء العلاقات اللبنانية – الخليجية واعادتها الى وضعها الطبيعي، بعدما تعرضت له من انتكاسة جراء مواقف «حزب الله»..

من اسف ان يشعر «حزب الله» بأن عودة الحياة الى العلاقات اللبنانية – العربية (وبالتحديد الخليجية) هي خسارة له، وتحجيم لدوره، الأمر الذي يفسر جانبا من وضع العصي في دواليب عربة انجاز قانون الانتخابات واجرائها في موعدها الدستوري، على ما تشجع على ذلك العديد من دول العالم عبر موفديها الى لبنان.. واللافت أيضاً ان هذا الموقف القديم المتجدد لكتلة «الوفاء للمقاومة» جاء عشية اجتماع مجلس الدفاع الأعلى برئاسة الرئيس العماد عون وخصص للبحث في التطورات الأمنية والمخاطر الداخلية والخارجية» حيث تجمع لدى قادة الأجهزة الأمنية المعنية كم هائل من المعلومات الموثقة، عن «مخاطر إرهابية محتملة..». كما جاء عشية اجتماع وزراء الداخلية العرب في تونس بعد غد الاثنين ويحضره وزير الداخلية نهاد المشنوق والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، ويترأسه ولي العهد السعودي ووزير الداخلية الامير محمد بن نايف، وهو اجتماع على درجة عالية من الأهمية، وقد يستمر لنحو اسبوع، تحت عنوان «تعزيز سبل التعاون والتنسيق لمكافحة التطرف والارهاب..».