IMLebanon

«لوكا بيتش»… برنامج مفخوت

 

صحيح إنّو اللغة الاسبانية غير مندرجة في المناهج التعليمية الرسمية في لبنان، بس ألله يطوّل بعمر مخترع «غوغل ترانسلايت» الذي سمح لنا الغوص عميقاً في معنى كلمة «لوكا»، ومنها بناء موضوع نقدي لبرنامج تلفزيوني يتأرجح بين الترفيه والابتذال مثل إبن سنتين على درّاجة هوائية بعجلتين.

البُعد الثقافي الحقيقي لبرنامج «لوكا بيتش» يبدأ من عنوانه قبل كلّ شيء، حيث تمّت عملية دمج اللغتين الاسبانية والانكليزية لعكس الانفتاح اللبناني على الابتكار والجرأة.

«شاطئ مجنون» هي الترجمة الفعلية لإسم البرنامج «Loca Beach»، لكن يبدو أنه خلال عملية نقل فريق الانتاج ما بين الحضارتين، علق المركب في عاصفة نسب المشاهدة، فسقط حرف النون على غفلة تحت كرسي القبطان، ولمّا وصلوا الشواطئ اللبنانية وفتحوا شنطهم، وبعد أن بحثوا على إسم البرنامج وجدوا ورقة مكتوب عليها «شاطئ مجون»، وعليها اعتمدوا التسمية والأداء والشكل والمضمون.

وتماماً مثلما تعتقد جارتنا أنّ كلّ ما يوضع جنبه رزّ بالشعيريّة يصبح تلقائياً يَخنة، حتى وإن كان نعل صبّاط قديم… يعتقد بعض العاملين في صناعة الترفيه أنّ كلّ ما يتمّ تصويره بكاميرا موصولة بمايكروفون يصبح إسمه برنامج، مُتناسين أبسط مبادئ هيكلة الإنتاجات التلفزيونية مهما كانت المخصّصات المالية ضعيفة والميزانيات هزيلة.

«لوكا بيتش» شيء مجهول الهوية تمّ تصويره بكاميرا، وهو يطمح ضمنياً أن يكون برنامجاً ترفيهياً، إذ يعتمد بشكل أساسي على الألعاب والتحديّات بين مجموعة من الشبّان والشابات الذين يرتدون ثياب البحر على الشاطئ.

إلى هنا، كلّ شيء يبدو طبيعياً وحتى مطلوباً على الشاشات المحليّة، لكن ما أن تدور الكاميرا ويبدأ الكلام، حتى يشطّ ماكياج الترفيه عن وجه البرنامج وتظهر وَيلات الابتذال والاسترخاص في جذب المشاهد بالإيحاءات الجنسية، سواء الكلامية أو الجسدية أو حتى التعبيرية المفضوحة، ومعها يتحوّل الشاطئ المجنون إلى شاطئ مجون مَمحون وغير موزون.

تبذل مقدّمة البرنامج كريستينا صوايا مجهوداً جبّاراً في ملء هواء البرنامج، وفي التعليق على مجريات الألعاب وأداء المشاركين في الحلقات، لكن لم يترك لها المنتج والمخرج إلّا كمشة من لقطات الصدور والمؤخرات وقطع العضلات والوضعيات المخلّة بالترفيه، فلا تجد إلّا العبارات التي يمكن تمعينها للتعليق على اللوحات الفنيّة المشلوحة بوضعيات مشبوهة على الحشيش الأخضر.

يتابع المشاهد الحلقات ولا يمكنه أن يكتشف إذا كان البرنامج ترفيهياً أو تلفزيون الواقع أو برنامج ألعاب، خصوصاً أنّ عملية مونتاج المشاهد وربطها ببعض تكاد تكون مضحكة لفداحة ضعفها واستسهالها بذوق أعيننا وحتى آذاننا، فمرّة تركض الجملة قبل الصورة، ومرّة تهرول الصورة لتلتقط كلمة.

وحتى المخرج لم ينتبه إلى مقاسات العدسة التي وضعها على كاميراته، وهكذا بارتكابه أكبر خطأ لأبسط مبادئ التصوير أظهَر كريستينا صوايا المعروفة بطولها أقصر من أن نصدّق ما نراه، ولا تضعوا اللوم على الكعب العالي وحركات الموضة، خصوصاً أنّ المشتركين في البرنامج بَدوا مجموعة من البشر المفلطحين.

لا تتحمّل صوايا خطيئة البرنامج منفردة، ولا حتى المشتركين في البرنامج الذين إنفرضت عليهم الألعاب وحتى الفورما، ولا حتى الفريق التقني والإنتاجي والإخراجي…

«لوكا بيتش» برنامج مفخوت غرق حتى قبل أن يُبحر في مياه الترفيه، ومشكلته الحقيقية ليست كما يدّعي البعض في ثياب البحر والإيحاءات الجنسية فقط، بل هو خلطة من الأخطاء في المونتاج والإخراج والإعداد، ومن الزحطات القاتلة في شكل الألعاب وتركيبتها وتوليفتها، وحتى في اختيار بعض المشتركين الذين لطخوّا الشاشة جلاغة وتذاكي.

مشكلة «لوكا بيتش» تقع في كميّة من الأخطاء البشرية والتقنية التي اجتمعت في برنامج واحد لم يجد المشاهدون والمتابعون سبباً للرأفة به أو إنقاذه من نقدهم اللاذع.