من قال إنّ الدول الكبرى أو العظمى لا تكذب، نعم وألف نعم السياسة هي فن الكذب وكلما كبرت الدول كلما كبر الكذب، لذلك يمكن أن نطلق على دولة عظمى دولة الكذب العظمى، وأخيراً وليس آخر من شاهد أحداً يكذب ويموت؟ طبعاً لا أحد!
إنطلاقاً من هذه المقدمة أعجبتني التهديدات المتقابلة بين الاميركيين والروس.
الروس يحذرون الاميركيين بأنهم سيتصدّون لأي هدف يتحرّك ضمن منطقة وجودهم، أي أنّ وجودهم في سوريا أصبح احتلالاً وليس من أجل محاربة الإرهاب كما يدّعون.
من ناحية ثانية، روسيا لم تتعرّض لإسقاط طائرتها مرة واحدة بل تعرّضت من قبلها يوم أسقط الأتراك طائرة «سوخوي ٢٤» وهذه من الطائرات الحديثة والمتطوّرة، وبالأمس كان بوتين يتحدّث عن أنّ سوريا أصبحت مختبراً لتجربة السلاح الروسي الحديث من دبابات «T92» الى منظومة صواريخ «S400» الى أحدث
الطائرات من «ميغ 29» الى «سوخوي ٣٤» (…).
بالنسبة لأميركا أيضاً أصبح وجودها في سوريا حقيقة تحت شعار حماية الجيش السوري الحر وتحت حماية الجماعات الكردية.
والتهديد الروسي يقابله تهديد أميركي، وهنا يأتي السؤال الذي يطرح ذاته: الى أي مدى صحة التصريحات والتهديدات؟ بكل بساطة، كما يقال، هناك اتفاق ضمني بين الاثنين… وستأتي الأيام لتكشف هذه الكذبة.
وحقيقة ما يجري اليوم يلخص بأنّ الاميركيين يتباحثون في اقتسام الجبنة… يعني أنّ كل فريق له شروط ومطالب ومكاسب وعندما يتفق الفريقان نرى أنّ الحل سيصبح جاهزاً ولا نستبعد أن يحصل ذلك بين ليلة وضحاها خصوصاً أنّ الأهداف المعلنة قد تحققت وأبرزها إثنان:
أولاً- تدمير الجيش السوري حيث لم يعد هناك جيش سوري وطني، والموجود الآن هو جيش علوي وإلى جانبه ميليشيات طائفية، وهذا مطلب إسرائيلي.
ثانياً- تفتيت سوريا وتدميرها وبهذا المجال نستطيع القول إنّ أكثر من نصف سوريا بين مدن كبرى وقرى قد أزيلت، ودمرت جامعات ومستشفيات، والبنية التحتية مدمرة عموماً وأكثر من نصف الشعب السوري أصبح مهجراً.
ونظن أنّه حان الوقت للوصول الى حل وهذا ما نتوقعه قريباً، لا بل قريباً جداً.
عوني الكعكي