نعرف أن معراب بلدة كسروانية جميلة تضم قلاعاً طبيعية راسخة في الجبال وقلعة حزبية على التلة المقابلة للبلدة هي قلعة “القوات اللبنانية”. لكن، كيف تعيش تلك القلعة الحزبية في زمن “كوفيد 19″؟ وهل اتخذ رئيسها كل الإجراءات الوقائية الشخصية والعامة؟ هل هو مطمئن الى من هم في قلب معراب وعلى كلِّ من هم، في الإعراب الوطني العام، في قلب لبنان من قواتيين وغير قواتيين؟
يكاد سمير جعجع لا ينام في هذه الأيام، بفعلِ كثافة النشاطات التي يجريها، منذ تمدد الفيروس الرهيب بين الأوطان والقارات، على كلّ المستويات. فهو أيقن منذ اللحظة الأولى أن البلاد والعباد قد دخلوا في متاهة مرحلة ضروس يفترض التوفيق فيها بين أمرين:
أولا، ضرورة تأمين أفضل سبل الوقاية العامة.
وثانيا، ضرورة متابعة تسيير أعمال الحزب والمجتمع وعدم الإنقطاع عن ذلك أبداً في مرحلة قد تطول وتطول وتطول. على أن تبقى المؤسسة القواتية فيها “تنغل” في كل الإتجاهات من أجل تقطيع المرحلة، بالسبل المتاحة، والإنتقال الى “شط الأمان”.
في العناوين التفصيلية، أعطى “الحكيم” منذ اللحظات الأولى توجيهاته من أجل إبقاء المكاتب القواتية على جهوزية عالية، على أن يترافق هذا مع إجراءات خاصة تتخذ في داخل المكاتب، ومنها وإليها، من خلال تعقيم المكاتب مساء كل يوم والأشخاص الذين يدخلون إليها، وأخذ حرارتهم يوميا.
أما في معراب، فتُتبع إجراءات دقيقة جداً عبر تعقيم سيارات الداخلين إليها، وأخذ حرارة ركابها ورشهم بمواد التعقيم البخارية من أجل التأكد من نظافة كل الداخلين من أيّ فيروس.
سمير جعجع يتأكد شخصياً من تطبيق الإجراءات في هذه المرحلة الدقيقة من خلال ثلاثة مستويات:
أولا، هو عارفٌ أن الأحزاب مهما فعلت وبذلت من جهود وطنية يبقى الجهد الأساسي مطلوباً من الدولة التي عليها التركيز، من أجل احتواء الفيروس، على اتخاذ الإجراءات المتشددة على صعيد كل لبنان. وهو يرى أن الدولة تسير حالياً في هذا الإتجاه بعد أن كانت “مقصّرة”.
ثانيا، الى جانب مراقبته سير الإجراءات الخاصة والعامة يحرص على متابعة لقاءاته واجتماعاته السياسية اليومية التي أصبحت مصغّرة كي لا يؤدي أي خلل، في مكان ما، الى الإضرار بأحد. وفي حال تجاوز عدد المجتمعين الخمسة ضرورة إرتداء الجميع الكمامات والجلوس ضمن المسافة الموصى بها.
ثالثا، يقوم “الحكيم” ببعض الإجتماعات التي يُصار فيها الى مناقشة الشؤون الحزبية والوطنية عبر وسائل التواصل الإجتماعي “الأونلاين”.
معراب إذا متأهبة تماماً في سبيل “تقطيع المرحلة” الصحية من دون التأثير على الأمور السياسية والإقتصادية والإجتماعية الضاغطة. لذا هو حريصٌ على متابعة كل التفاصيل التي تهم المواطن اللبناني عموما، والقواتي تحديداً، من أجل تأمين المستلزمات اليومية الحالية وحث المكاتب القواتية على الوصول الى من هو غير قادر على الإنتقال عبر توفير سلة غذائية ومواد تعقيمية لكلّ محتاج. و”لا أحد يدق الباب ويخرج خائبا”.
هي لحظة حرجة يمر بها الوطن والعالم، مع فارق أن الأزمة الإقتصادية أكثر ضغطاً على اللبنانيين ومطلوب إحتواؤها كما احتواء الفيروس.
يتابع سمير جعجع بنفسه عمل المنسقيات القواتية، في لبنان وفي الإغتراب، وطلب من الطلاب القواتيين إعطاء الدروس الى من يحتاجون “أونلاين” وإعداد التقارير عن أوضاع الناس.
إرتياح معراب الى الإجراءات المتخذة وطنيا بات أكبر مع يقين “ربانها” أنه لو اتخذت قبل حين “لما كنا وصلنا الى ما وصلنا إليه ولما كنا سنشهد أرقاماً أعلى بعد من الأرقام التي بلغناها. جعجع يُكرر على مسامع زائريه أن الأولوية دائما في هذه الفترة هي لصحة الناس لأن “لا شيء يعلى على الصحة” لكن هذا لا يعني أبدا عدم الدفع في اتجاه إعداد خطة إقتصادية واضحة لمتابعة وضع الناس بعد انتهاء هذه الأزمة لأن الأزمة المقبلة لن تكون أبدا “أهون”.
إذا، معراب تعمل على التكيف مع الأزمة والإستنفار من أجل احتواء كورونا وما بعد كورونا.
سمير جعجع، ليس شخصاً يستهتر بشراسة الفيروس لكنه لا يعيش حالياً تحت “رعب كورونا” خصوصا إذا أحسنّا التعامل معه ووضعنا معالم المواجهة. وهو متفائل في قرارة نفسه بأنه بقدر ما تتشدد الدولة مع هذا الفيروس ستحتوي الوباء ويتمكن الناس حينها من التنفس الصعداء الى حين إيجاد اللقاح المناسب. لهذا، رفع السقف الخطابي في الأسبوعين الماضيين عاليا، في سبيل التعامل الجدي مع “كوفيد 19”.
لا طعام “دليفري” يدخل الى معراب بل هناك “شيف” يعدّ الطعام يومياً ويقدمه الى كل العاملين في المقرّ والى رئيس الحزب. وكل المكونات، من خضار وفاكهة وصحون وملاعق وسكاكين، تُعقّم مرات. والطعام، لمن يهمه الأمر، صيامي.
وماذا بعد؟
يحرص سمير جعجع في كل لقاءاته على البحث عن الخطة الإقتصادية المقبلة والإجراءات التي يفترض أن تتخذ اليوم “لا غداً” لاحتوائها. فالناس إذا التزموا البقاء في البيت سيقهرون الوباء أما الإنهيار الإقتصادي المقبل، إذا لم تعمل الحكومة حالياً وبسرعة على احتوائه، بالتزامن مع إجراءات كورونا، فسيقهرنا.