IMLebanon

5 سنوات على اتفاق معراب «طلعات ونزلات» وخيبات امل أعادت المآسي الى المسيحيين

 

محاولات إلغاء سياسية ومعنوية متبادلة بين القوات والوطني الحر… الماضي الاليم مُتجذر

 

5 سنوات مضت وكأنها في الامس القريب، الذي استبشر خلاله المسيحيون خيراً بأنّ الماضي الاليم بين التيار الوطني الحر بشخص رئيسه حينذاك العماد ميشال عون، ورئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، سيزول وسيمحى من الاذهان، بعد ان شاهدوا مشهد شرب كأس المصالحة المسيحية ، محاولين التصديق بصعوبة ، ولكنهم أبوا إلا ان يتفاءلوا بالخير حتى ولو كان صعب التحقيق، اذ غابت الثقة في تلك المصالحة، التي تأرجحت بعد سنة من توقيعها بين الطلعات والنزلات وخيبات الامل، في الوقت الذي كان فيه المسيحيون محتاجين الى الوحدة اكثر من اي وقت مضى، على أثر المواقف التي أطلقها حينذاك الزعيمان المسيحيان، فأحدثا صدمات متتالية للجميع ضمن المشهد السياسي الذي قلبَ كل المقاييس، وأشعل لبنان سياسياً وايجابياً من ناحية الامل في توحيد المواقف المصيرية، والتحالف في الانتخابات النيابية، لكن كل هذا تبخر، ومن الناحية السلبية اعتبر بعض المتابعين أن العلاقة بين الطرفين ستكتفي بطمأنة الشارع المسيحي والتخفيف من الاحتقان لفترة ، وهذا كان الاقرب الى الواقع لانه لم يدم طويلاً.

 

الى ذلك، وضمن استذكار تلك السنوات الخمس، التي خلطت خلالها المصالحة المذكورة كل الأوراق السياسية في لبنان، لأنّها أنهت فريقي الرابع عشر والثامن من آذار الى غير رجعة، وبالتالي، أنتجت حرب إلغاء ضد كل مكوناتهما السياسية، لان اجواء تفاهم معراب حينذاك كانت متفائلة جداً، واعتقدت اكثرية الاطراف السياسية بأن «طحشة» الثنائي الماروني ستقضي على الجميع، وبأن تحالفات بالجملة ستوّقع بين التيار الوطني الحر والقوات في مختلف الدوائر الانتخابية، وبالتالي سيتماثلان بالثنائي الشيعي الذي يتفق على أي مهام او مركز شيعي في الدولة، ويتخذ قرارات موّحدة في اكثرية الملفات، فيلغي على الفور الأصوات المعارضة في هذا الاطار، ويقول كلمته ونقطة على السطر.

 

لكن الافعال لم تأت على قدر الوعود، بل زادت من عمق المشاكل، وعاد مشهد الالغاء من جديد وإن لم يكن عسكرياً، لكنه بالتأكيد معنوي ومتبادل بحسب ما ترى مصادر سياسية مسيحية، لم تكن مؤمنة بمصداقية تلك المصالحة منذ اليوم الاول، معتبرة أنّ ترشيح جعجع لعون الى الرئاسة حمل تفسيرات منها ايجابية واخرى سلبية، وإن اعطى بعض التطمينات لفترة معينة، مروراً بالخلافات التي لم تنقطع بين جعجع ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، الذي اعلن مراراً أنه لم يوّقع على تلك المصالحة بل العماد عون، غامزاً من انه ليس ملزماً بها، الى ان وصلت التناحرات الى ذروتها، ومنها التباين السياسي الواضح في مجلس الوزراء بين وزراء الفريقين، على خلفية ملف بواخر الكهرباء، مروراً بالتعيينات وصولاً الى الخلافات على التحالفات الانتخابية، ومن ثم العرقلة التي قام بها باسيل في الحكومة، عبر تقليل عدد الوزراء القواتيين على الرغم من فوزهم بـ 15 مقعداً في مختلف المناطق اللبنانية، وبالتالي عدم إعطائهم الحقائب الوزارية التي تتناسب وحجم مقاعدهم، وصولاً الى تعيينات المجلس الدستوري التي اُخرجت القوات منها ضمن لعبة محضّرة، إضافة الى الخطابات التي اطلقها باسيل ضد القوات ورئيسها.

 

ورأت المصادر عينها أنّ الخلاف القواتي تفاقم مع باسيل وليس مع العماد عون، لانّ توزيع الحصص وفق الحجم السياسي لكل فريق كان بيد رئيس «التيار»، ما ساهم في تفاقم المشاكل ايضاً مع باقي الاطراف المسيحية على مناصب قضائية ومالية.

 

وذكّرت المصادر، بأنّ بوادر رسوب الاتفاق ظهرت بقوة، خلال إحياء ذكرى مصالحة الجبل في آب 2017، حين امتعض التيار الوطني الحر من الطريقة التي دعت فيها القوات اللبنانية حينذاك للاحتفال بتلك الذكرى، وحصـول إشكال بينهما مع إنزال صور رئيس الجمهوريـة من دير القمر، فوُجهّت الاتهامات الى محسوبين على النائب جورج عدوان، ما ادى الى مقـاطعـة «التيار» لاحتفالية المير أمين. وفي ذلك اليوم برزت الانتقادات العونية للقوات، بأنها اقامت هذا الاحتفال لغايات انتخابية ضيقة، وبأنها تحتكر المصالحة لمصلحتها فقط، والهدف تهميش القوى المسيحية الأخرى، وبالتالي ابعاد المناسبة عن رمزيتها الحقيقية، وقد شكّل اعتذار رئيس الجمهورية عن المشاركة في الغداء خلال المناسبة، مؤشراً على امتعاض التيار من الذي جرى، وحينذاك ألمح باسيل الى وجود صفقة انتخابية بين جنبلاط وجعجع.

 

وختمت المصادر بأنّ التشاؤم سيبقى مرافقاً لتلك العلاقة الحافلة بالمآسي، لان الماضي الاليم بين جعجع وعون لن يُمحى بالتأكيد ، فهو اسقط شهداء من الطرفين، والتفاهم مضى بخيبة الى غير رجعة.