اذا كان سعاة الخير لم ينجحوا في اعادة وصل ما انقطع على خط بعبدا – عين التينة مع عجز كل الوساطات عن احداث خرق على صعيد ذلك، فانه على ما يبدو نجحت العاصمة الفرنسية في احداث خرق كبير في جدار الازمة اللبنانية – السعودية، نتيجة حسابات داخلية واقليمية ترتبط بالمصلحة العليا للدولة الفرنسية، تبدأ بالاقتصاد ولا تنتهي بالسياسة.
مصادر مطلعة على اجواء اللقاء الذي جمع رئيس الحكومة سعد الحريري بالسفير السعودي بعيد تقديم اوراق اعتماده في بعبدا، الى ان اللقاء لم يتجاوز الحدود البروتوكولية وهو بقي في اطار العموميات دون ان يتطرق الى «الازمة» بين بيت الوسط والرياض، علما ان السفير الجديد نقل «رسالة» ود ومحبة من وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الذي تربطه علاقة وثيقة بالشيخ سعد الحريري.
ورأت المصادر ان المياه لم تعد بعد الى مجاريه على خط لبنان -المملكة،رغم «التطبيع» الدبلوماسي الذي جرى ،حيث تلقى الرئيس سعد الرئيس نصائح عدة بعدم المبادرة الى زيارة السعودية حاليا والتريث قبل الاقدام على هكذا خطوة، معتبرة ان الزيارات التي باشر بها السفير بعيد تعيينه حملت الكثير من الرسائل داخليا وخارجيا. اذ ان زيارة معراب لم تأت «سهوا» لا شكلا ولا توقيتا حيث بدا لافتا جدا ان تكون الزيارة الاولى للسفير الى زعيم مسيحي اتهم بالوقوف وراء الانقلاب والتحريض على زعيم المستقبل، رغم تأكيدات الازرق المتكررة ان «الحكيم» سمع من ولي العهد السعودي كلاما عن ضرورة استقالة الحكومة دون ان يدافع عنها علما انه شريك اساسي فيها، ظنا منه ربما بان هناك اتفاقاً بين الحريري والمملكة حول ذلك، لذلك لم يبد اي ردة فعل ازاء ما سمعه من مطالعة للامير محمد.
واشارت المصادر الى ان تغيير القائم بالاعمال السعودي البخاري في بيروت لا علاقة له بما شهدته المرحلة السابقة بل هو نتيجة طبيعية مع تعيين سفير جديد ومرتبط بالهرمية الادارية والتراتبية داخل ملاك وزارة الخارجية السعودية، جازمة بان الفريق الديلوماسي في بيروت كان ينفذ سياسة حكومته رغم تفضيل البعض داخله باعتماد «ليونة» اكبر تجاه بعض المواضيع.
وتتابع المصادر بانه حتى الساعة نجحت الادارة الفرنسية بتحقيق خرق اساسي في جدار الازمة السعودية- اللبنانية المرتبطة بثلاث ملفات بحسب اوساط دبلوماسية غربية، والتي هي على تماس مباشر مع مصالح فرنسا العليا، وهي، اولا، ملف الرئيس سعد الحريري والذي نجحت في تسويته الى حد كبير،علما انه في الاساس اقتصادي وتعتبر فرنسا نفسها معنية باعتبار ان سعودي اوجيه تضم عددا كبيرا من الموظفين الفرنسيين يتخطى الـ 270 تقنيا ومهندسا واداريا، الثاني، ملف الوليد بن طلال والذي نجحت خلال الايام الماضية ادارة الرئيس ماكرون في حلحلته والوصول الى حل وسط سيبصر النور قبل مطلع شباط، اما الثالث فمرتبط بموضوع الاستقرار السياسي في لبنان ومسألة حزب الله.
وذكرت المصادر ان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيواصل الجهود التي يبذلها لتعزيز النظام والاستقرار في الشرق الأوسط وشرق أفريقيا، وذلك كجزء من محاولته تجديد نفوذ باريس في المنطقة، رغم ادراكه أنّ إذكاء النزاعات بالوكالة في البلدان التي تشهد تجاذبا بين السعودية وإيران بغض النظر عن «أجندة» الرئيس الفرنسي، وتحديدا لبنان، ستقوّض من جهوده تلك، رغم الانجازات التي حققها من خلال لعبه دور الوسيط في الازمة اللبنانية – الخليجية، والضغوط التي مارسها.
وفي هذا الاطار كشفت المعلومات ان العاصمة الفرنسية ووفقا للقرار الاوروبي تفصل بين الجناحين السياسي والعسكري لحزب الله، وهي اجرت اتصالات بقيادة الحزب عبر وسيط لبناني امن لقاء ثلاثيا حمل طابعا استخباراتيا خلال ازمة «اعتقال» الرئيس الحريري، والتي لم تجر بعدها اي اتصالات، واشارت الى ان فتح ملف الشبكة «الارهابية» في فرنسا لا علاقة له باي ضغوط اميركية انما يندرج في اطار السياسة الفرنسية. من هنا فان فرنسا تعتبر انها قامت في موضوع الناي بالنفس بما هو مطلوب عبر تأمين المظلة الاقليمية لذلك،اما ما تبقى فيبقى شانا على المسؤولين اللبنانيين متابعته، خصوصا ان اي خلل اعلامي او سياسي ستكون تكلفته غالية جدا.
وتتابع المعلومات ان اتصالات تجري لتأمين وسيلة «سليمة» لضبط الحركة الاعلامية في لبنان من ضمن مراعاة قواعد حرية التعبير بعد سلسلة مراجعات لجهات دبلوماسية تناولت مواد معينة يجري تداولها،في خطوة وصفها البعض بانها التفاف على مسالة الناي بالنفس.