IMLebanon

ماكينة «الكتائب» تفوز… ولو في برشلونة

الانتخابات البلدية في جولتيها الأولى والثانية كشفت النقاب عن العلاقة الحقيقية التي تربط الناخبين بالأحزاب السياسية والعائلات التقليدية، إضافةً إلى تبيان الخلل التنظيمي الذي يُصيب معظم الأحزاب التي ما انفكت يوماً تعتد بهيكليتها «المتطورة».

في بيروت، برز ضعف ماكينة تيار المستقبل التي فشلت جهودها، هي والنائب سعد الحريري، في حثّ الناخبين على الاقتراع مُلقيين اللوم على «خيانة» الحلفاء. في جبل لبنان، أخذ النائب ميشال عون على عاتقه مهمة حشد العونيين إلى الاقتراع، خاصة في جونية بسبب غياب الماكينة الإنتخابية للتيار الوطني الحر. برز هذا الأمر أيضاً في زحلة، حيث تحجج المسؤولون بضعف الإمكانات المادية واللوجستية. أما القوات اللبنانية، فمنذ الانتخابات الفرعية في الكورة في الـ2012، وهي تعمل على مكننة ماكينتها الانتخابية عبر خلق ماكينات فرعية في مراكز الاقتراع مرتبطة بالماكينة المركزية في معراب. من هناك، كان جعجع يطل غداة الانتخابات في زحلة وجونية لتوجيه الرسائل السياسيّة. على الرغم من ذلك، كان لافتاً أن الماكينة الحزبية التي تحولت إلى «مصدرٍ» للمعلومات تعتمده البرامج الحوارية واللوائح الانتخابية هي ماكينة حزب الكتائب التي «رُكِّبَت» برئاسة نائب الأمين العام للحزب باتريك ريشا منذ شهرين.

«قبل أن يبدأ باراك أوباما سياسة طرق الأبواب، كانت ماكينة الكتائب منذ الستينيات تعرف بالتفاصيل المملة أسماء الناخبين وأرقامهم. من يقترع معها ومن هو خصمها. البداية كانت مع الأمين العام السابق شارل دحداح وبإمكانات متواضعة، فكان المتطوعون يُسمون بأصدقاء الكتائب»، يتذكر مسؤول كتائبي «عتيق» غادر الحزب بعد خلاف مع قيادة رئيس الحزب السابق أمين الجميّل، مضيفاً أن «الأرضية أظن لا تزال جاهزة، ولكن ما ينقص كان قيادة تعرف كيف تُشغّلها».

إلا أنّ هذه الماكينة لم تكن بمنأى عن الخضات الداخلية التي عصفت بحزب الثمانين عاماً. لملمت شتاتها في الانتخابات النيابية عام 2009، قبل أن تعود فتاتاً في الانتخابات البلدية عام 2010. عدم جاهزية الماكينة دفعت الحزب إلى النأي بنفسه عن خوض الانتخابات تاركاً الحرية لناخبيه. في الدورة الحالية، «حدّثنا نظام ماكينة الـ2009، مستفيدين من الخبرة السابقة، وألفنا فريق عملٍ من 15 شخصاً تقريباً كانت المرّة الأولى التي يعملون فيها في الانتخابات. أنا الختيار فيهم»، يقول ريشا.

إحدى نقاط قوة الكتائب في الانتخابات البلدية كانت تفرُّغ فريق لمتابعة أحوال الناخبين والتنسيق مع الأقاليم الحزبية والتسويق الإعلامي للفائزين الحزبيين، بعد أن كان يخوض الانتخابات وفق برنامج إنمائي، على الرغم من أن الماكينة صغيرة ولا تُقارن بماكينات أحزاب أخرى كحزب الله أو القوات اللبنانية. فخر ريشا «أننا الوحيدون الذين كنا ننتهي من فرز الأصوات عند الساعة الرابعة فجراً».

في مكتبه في الصيفي يجلس ريشا وستيفاني (عضو في الماكينة)، عارضاً «سلاح» العمل: مجموعة من الهواتف غير الذكية باللونين الأزرق والأسود وعدد من بطاقات الشحن. «كلّ المعركة انشغلت بهودي التنين»، يقول. أما أجهزة الكمبيوتر «فقدمت إحدى الشركات 15 جهازاً، والنظام الذي عملنا عليه طورناه داخلياً. كلّ النفقات لم تتخطّ 10 آلاف دولار». قبل أن يضيف بأنه «ما عم نلعبها إنو نحنا معترين، ولكن فعلياً الماكينة ليست بحاجة إلا لأناس ملتزمين».

شخصان جرى اختيارهما في كلّ قضاء للتواصل مع الماكينة المركزية وفي كلّ من الأقاليم الستة في مراكز الأقضية استحدثت ماكينة للتواصل مع المراكز الاقتراعية. يعتبر ريشا أنّ الدقة في النتائج سببها «أننا كنا نتواصل مع ماكينات اللوائح وليس مع المندوبين في الأقلام، على العكس من بقية الماكينات الحزبية». إضافةً إلى ذلك، «خرق» الكتائب اللوائح الخصمة عبر «وجود مندوبين كتائبيين في مراكزها، فكنا أيضاً نحصل على أرقامهم»، معتبراً أنّ «الثقة تعززت بماكينتنا بعد السرعة والدقة التي تميزنا بها في انتخابات زحلة، فقررنا في انتخابات جبل لبنان أن ندعو الإعلام لمواكبتنا».

جزء من عمل الماكينة أيضاً كان الدعاية السياسية التي مارسها الكتائب. أوحى الحزب أن مجد الانتصارات في البلديات أعطي له. قسمٌ شكك في هذه النتيجة «المبالغ بها». والقسم الآخر حوّلها إلى نكتة: «فوز فريق برشلونة المدعوم من حزب الكتائب… فوز لائحة كينشاسا إلى الأمام المدعومة من حزب الكتائب (أيضاً)». هذه المرّة، الانتقادات لا تستفز الحزب: «كتير مبسوط فيها لأن بتقوينا. يكفي أنّ أرزة الكتائب تظهر في أعلى كلّ الصور التي تنتشر»، يقول باتريك. أصابع الاتهام تطاول بالدرجة الأولى «الجيش الإلكتروني» التابع للقوات اللبنانية، المتهمة من قبل مسؤولي الكتائب بسعيها إلى استغلال البلديات لعزل الحزب… البلديات وكل شيء آخر، حتى لو كان فوز فريق برشلونة أو خسارته.