Site icon IMLebanon

المشنوق والبيطار وجريصاتي بينهما

 

لم يكن النائب نهاد المشنوق مضطراً للهجوم على المحقق العدلي “الحالي” في جريمة المرفأ طارق البيطار من منبر دار الإفتاء بالذات، ما أضفى على موقفه القانوني أو الدستوري سمة مذهبية فاقعة، وإن أشار في معرض التبرير المسبق إلى أن مثل “هذا الكلام”، أي كلامه، يمكن أن يقوله أيضاً في بكركي. لا هذا الموقع الكريم ولا ذاك الصرح مناسبان لطرح قضية بهذا الحجم. كما لم يكن موفقاً في اختيار التوقيت غداة تهديد الحاج وفيق لبيطار بـ”قبعه” و”تطييره” والحاج إن هدد فعل. كما لم يكن مقنعاً بأن كبير مستشاري القصر سليم جريصاتي ينفّذ اليوم تهديداً للمشنوق عمره سنتان.

 

فلو كان المحقق العدلي طارق البيطار يأتمر بتعليمات جريصاتي، لأطلق مدير عام الجمارك العوني حتى العظم، وزلمة القصر، بدري ضاهر، الذي أوقفه القاضي فادي صوّان منذ آب 2020.

 

ولو كان البيطار ألعوبة بيد المستشار لما تجرّأ على طلب الإذن بملاحقة مدير عام أمن الدولة اللواء طوني صليبا وطلب إذن مماثل لملاحقة مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم، والجميع يعلم مدى متانة العلاقة بين سيادة اللواء والسيّد الرئيس.

 

كما بالغ المشنوق في تظهير فائض قوته بقوله و”هذه مسألة لا تحتمل شد العضلات، ولا يزايدن أحد علينا. كل واحد يروق ويعرف وين قاعد”. وهي تذكر بعبارة وزير الداخلية الشهيرة: إنت عارف مع مين عم تحكي؟ يقف الرؤساء والنواب والقادة العسكريون والوزراء، سيدي الوزير، في أي بلد حضاري، أمام القضاة ولا يستقوون عليهم بنصوص.

 

كما أن امتداح المشنوق لرئيس مجلس النواب نبيه بري ووصفه بالـ”الرئيس المعتبر والمعتمد للمحافظة على الدستور” يجوز، إن حُذف من تاريخ رئيس المجلس دوره التعطيلي لانتخابات رئاسة الجمهورية بعد انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود، وما سبقها من مآثر دستورية. أما العودة إلى النص الذي يُحاكم فيه الوزراء أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وللقاضي البيطار ردّ قانوني مقنع على عدم جواز الإحالة، فأعطني ثلثين مؤيدين لمحاكمة وزيري “حركة أمل” ووزير “المردة ـ حزب الله” وخذ ما يدهش العالم.

 

السيد الوزير والصديق، لا تساهم عمداً أو من غير قصد، بتطيير ثاني محقق عدلي في انفجار أصابنا جميعاً. لأن بعد البيطار، لن يجرؤ أي قاضٍ على التحقيق في انفجار العصر اللبناني الحديث.

 

إلى الملاحظات “الأخوية”، وبمعزل عن الأسانيد القانونية والدستورية التي ساقها وزير الداخلية السابق، المقنعة ببعضها وغير المقنعة بمعظمها، يُسجّل له أنه أعاد تذكيرنا بواحدة من أجمل الصفات المبتكرة والمفصّلة على مقاس المستشار سليم جريصاتي وهي “مصمم الأزياء الدستوري”.