Site icon IMLebanon

رسائل ماكرون من الجميزة صدمت العهد: التغيير حتمي والسلطة أدارت ظهرها لمطالب الناس

 

 

إذا كانت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التضامنية إلى بيروت، أمس، والتي دامت ساعات معدودة، قد خطفت الأضواء واستحوذت على الاهتمام الداخلي، في الوقت الذي لم تستفق بيروت من هول الكارثة التي أصابتها بعد زلزال انفجار المرفأ، إلا أن الحدث برمته كان في أحياء الجميزة ومار مخايل التي تفقدها الضيف الفرنسي، للوقوف على معاناة أهلها وسكانها الذين نالوا النصيب الأكبر من الأضرار البشرية والمادية التي لحقت بهم، جراء انفجار المرفأ المروع، وما أطلقه الرئيس الفرنسي من رسائل مدوية في كل الاتجاهات، صدمت العهد وسبقت وصول الرئيس الفرنسي  إلى قصر بعبدا، حيث قال الرئيس ماكرون أنه جاء إلى لبنان لدعم الشعب اللبناني، ولم يقل أنه جاء لدعم السلطة أو الحكومة في لبنان. لا بل على العكس من ذلك تماماً، فقد كان الرجل واضحاً شديد الوضوح والصراحة عندما خاطب مستقبليه في الجميزة ومار مخايل، بأنه لا بد من تغيير النظام، وهو كلام شديد اللهجة يصدر للمرة الأولى عن رئيس دولة كبرى بحجم فرنسا، وبما تمثله أوروبياً ودولياً.

 

وتشير في هذا الإطار، مصادر سياسية لـ«اللواء»، إلى أن الرئيس ماكرون حضر إلى لبنان، ليوجه هذه الرسائل المدوية التي لا يحب العهد وحلفاؤه سماعها، لأنها تعكس بكثير من الوضوح نبض الشارع اللبناني التواق إلى تغيير الطبقة الحاكمة التي تتحمل مسؤولية كل الكوارث التي حلت بالبلد على مدى السنوات الماضية، إدراكاً من الرئيس الفرنسي بأن الحكم في لبنان الذي أدار ظهره لمطالب الثوار، يتحمل مسؤولية مباشرة في وصول الأمور إلى ما وصلت إليه من ترد وانهيار على مختلف المستويات. وبالتالي فإن الدعوة إلى التغيير التي طالب بها الضيف الفرنسي، إنما تعكس التوجهات نفسها التي ينادي بها الشعب اللبناني الثائر منذ السابع عشر من تشرين الأول الماضي، في إشارة إلى التخبط واللامبالاة في أداء الحكم العاجز عن إيجاد الحلول التي تخفف من معاناة اللبنانيين المستمرة منذ سنوات، من دون أن تلقى كل النداءات الداخلية والخارجية صداها عند أهل الحكم من أجل التصحيح.

واستناداً إلى المعلومات المتوافرة لـ«اللواء»، فإن الرئيس الفرنسي الذي تعمد أن تطول مدة تفقده لمنطقة الجميزة ومار مخايل، في سياق حرصه على سماع شكاوى الناس المظلومين، والوقوف على شكواهم بعد الكارثة التي حلت ببيروت، شدد على أن الأمور في لبنان لا يمكن أن تستمر على ما هي عليه، إذا لم يحصل التغيير المنشود الذي يطالب به الشعب اللبناني، مؤكداً أن بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء محاولات إغراق لبنان بمزيد من الأزمات، وهذا الأمر يتطلب من السلطة الحاكمة تغييراً ملموساً في أدائها، إذا أرادت فعلاً إنقاذ البلد. وانطلاقاً من هنا حرص الرئيس ماكرون على الاجتماع مع قيادات سياسية لبنانية، من بينها «حزب الله»، فإن ذلك يأتي ترجمة للمبادرة الحوارية التي قال أن بلاده تنوي طرحها على اللبنانيين، لتقريب المسافات بينهم ومن أجل التخفيف من الانقسامات الداخلية، باعتبار أن البلد يمر بأزمة خطيرة، تتطلب توحيد المواقف الوطنية وتحصين الاستقرار الداخلي.

وتشير المعلومات إلى أن وجود رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد في عداد الشخصيات السياسية التي التقاها الرئيس ماكرون، إنما يمثل رسالة إلى الجميع في لبنان، وتحديداً «حزب الله» والحلفاء، بأن فرنسا على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين، وهي لن تتأخر عن تقديم كل الدعم للشعب اللبناني، ولن تقصر في توفير الظروف الملائمة من أجل إعادة اللحمة بين اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم السياسية والطائفية. وهذا يفرض العمل من أجل وضع مصلحة لبنان فوق أي اعتبار، وفك الارتباط بأي أجندات خارجية.

في المقابل، ترى أوساط مسيحية أنه «ليس هناك مبادرة فرنسية حقيقية لإنقاذ الوضع في لبنان، باعتبار أن هذا الأمر لا يحصل من خلال وجود «حزب الله» في قصر الصنوبر. لأن الكل يدرك أن النفوذ الحقيقي ليس بيد الدولة اللبنانية، إنما بيد «حزب الله»، بقبول من القوى الأساسية في لبنان الذين سلموا بهذا الوضع في الـ2016». مشيرة إلى أن «الرئيس الفرنسي لم يأت من أجل الإنقلاب على هذا الوضع، وإنما كرس من خلال وجود النائب محمد رعد في قصر الصنوبر هذا الوضع، وبالتالي فإن زيارة الرئيس الفرنسي هي زيارة صداقة، وليس زيارة سياسية، ولفتت إلى أن القوى الممسكة بالوضع في لبنان لن تقدم إلى الرئيس ماكرون أو غيره، باعتبار أن المعركة ليست مع فرنسا، وإنما بين إيران والولايات المتحدة الأميركية، في وقت يحاول الرئيس الفرنسي التمايز عن هذه المعركة»