كان يوم اللبنانيين طويلاً بالأمس وهم يتابعون خطوات الرئيس القادم إليها من فرنسا الأم الحنون،»ميثاق جديد» الكلمة التي أعلنها الرئيس الفرنسي أيمانويل ماكرون فرنّت في أذن اللبنانيّين، لم يفهموا خطأً، «الميثاق الجديد» يعني تغييراً سياسياً وقد اعتاد اللبنانيّون أنّ يسبق التغيير الميثاقي في شكل دولتهم اندلاع حروب مدمّرة، ربمّا علينا أن ننتظر عودة الرئيس الفرنسي في أيلول حيث يشارك في مئويّة لبنان الأولى والتي قد تكون الأخيرة.
لا ينكر لبنان واحد باستثناء «الغنمات» أن الرئيس الحقيقي الذي كان سيد الصورة بالأمس هو الرئيس الفرنسي، لا يحدث في أي دولة أن يجول رئيس ضيف في مناطق ضربتها مأساة فيما يغيب الرئيس المضيف عن المشهد، هل هناك حقيقة فاقعة تشي بخوف رئيس البلاد من مواجهة شعبه، مشهد وزيرة العدل ماري كلود نجم وما تعرّضت له بالأمس في منطقة الجميّزة فاضح لحقيقة رفض الشعب لهذه السلطة من رأس الهرم حتى أصغر ملتحق بهذه السلطة، هل كان رئيس الحكومة الذي يجب أن يكون أول من يخضع للمساءلة القضائية مع رئيس الجمهورية لتجاهلهما خطورة التقرير الذي رفع إليهما ويخبرهما بضرورة التصرّف مع المواد الخطيرة الموجودة في المرفأ ولكن لم يكترثا لسلامة اللبنانيين ولا لحماية العاصمة وإنقاذ مرفق لبناني حيوي وإنقاذ أرواح اللبنانيين معه، بالأمس كل من في السلطة ممن يتحمّلون مسؤولية ما حدث كانوا سعداء بلقائهم ماكرون واثقين من أنّ أحداً غير قادر على محاسبتهم واحداً واحداً!!
هل بالإمكان تغيير حرف مما كتبته إيران في قدر لبنان، نشكّ في ذلك، الرئيس الفرنسي ماكرون صادق في كلّ ما قاله لنا، ولكن هل دخلت إيران ومصالحها وحزبها في حساباته؟ والسؤال الملحّ هل سيترك حزب الله ماكرون يرسم خارطة طريق سياسيّة للعمل الحكومي بعدما سيطر حزب الله على الرئاسات الثلاث، هل خطر لماكرون أنّ الرئيس اللبناني الذي استقبله في المطار واقف إلى جانبه لأنّه أصبح رئيساً بعد تعطيل تام للديموقراطية اللبنانيّة دام عامين ونصف العام بقوة سلاح حزب الله الذي فرضه مرشحاً وحيداً حتى أسقط في يد الفرقاء الآخرين فقبلوا بالرئيس (مرشح حزب الله) لإنقاذ الرئاسة؟! هل خطر لماكرون أنّ فتح باب «ميثاق جديد» ما لم يسبقه سحب سلاح حزب الله عن طاولة الحكم اللبناني، وقطع اليد الإيرانيّة التي تعبث بالكيان اللبناني منذ أربعين عاماً تمهيداً للسيطرة على الحكم في لبنان، سبق وقدّمت إيران غبر اقتراح المثالثة في مؤتمر سان كلو برعاية ساركوزية، هي لا تريد فقط المثالثة هي تريد إقامة جمهورية إسلامية في إيران، أن تفتح فرعاً لها، ولكنّها وعلى طريقة المثل «بيدبح بالقطنة» لن تستعجل في نهاية الطريق، باستطاعتها الانتظار عشر سنوات بعد، إيران تعتمد الخطط «الخمسينيّة» ولن يزعجها الانتظار لمزيد من الوقت.
«بحبّك يا لبنان»، سمعها اللبنانيّون بمعنويات مرتفعة جداً من فم الرئيس إيمانويل ماكرون، ولو تسنّى له أن يسمعهم يقولون له «ونحن أيضاً نحبّك السيّد الرئيس»، ولكن ما نخشاه أنّ هؤلاء الذين اجتمعت بهم «كحكحوا» كثير من الساسة من العرب والغرب قبلك وما يزالون قابضون على خناق البلاد والعباد، هؤلاء من الوقاحة بمكان أن يحدّثوك عن الإصلاح ومحاربة الفساد وهم أربابه وخيمته وحماته، وهم من الوقاحة بمكان أن يضحكوا في وجهك بالأمس ويجالسوك ومعك وزير خارجيتك بعد أن تطاولوا عليه وعلى زيارته قبل يومين فقط من التفجير الكبير الذي ضرب بيروت عبر مرفئها، وهؤلاء من الوقاحة بمكان أنّهم «بياخدوك عالبحر وبيردّوك عطشان» فيما أنت تتعاطى معهم بكل صدقيّة وشفافيّة، وهم يلبسون لك كل أقنعة المكر والخداع!