Site icon IMLebanon

في انتظار كانون ماكرون

 

من المفيد أن نستذكر ذلك التقرير المسرّب عن الاتحاد الأوروبي والّذي ختم بعبارة «إن لبنان بات يخضع بكل مجالاته لسيطرة حزب الله»، في انتظار الزيارة الثالثة للرئيس الفرنسي أيمانويل ماكرون نهاية العام الجاري، النهاية التي ستحمل اسم الفائز في انتخابات الرئاسة الأميركيّة، هذا أقصى ما تستطيع الدول الأوروبيّة أن تفعله للبنان فـ»تعيد تجريب المجرّب»، ومن المؤسف أنّ الدّول الأوروبيّة لا تملك في يدها إلا جزرة مؤتمرات تأمين الأموال للبنان وعصا التهديد بحرمان لبنان من أي مساعدة في حال لم ينفّذ مطالب الإصلاح، فهل بمقدور لبنان أن ينفّذ خارطة الإصلاح، نشكّ في ذلك!

 

بالأمس وفي وقت كان الرئيس الفرنسي يجول من مكان إلى آخر في أرجاء المناطق اللبنانيّة، كان محتشدون في وسط بيروت لا يشبهون المجتمع المدني الذي أعلن الثلاثاء 1 أيلول «غضب لبنان الكبير»، من أين يأتون بهذه الوحشية في إفساد المظهر الحضاري الذي يجري الاستعداد له والإعلان عنه، فإذا بنا أمام وجوه غريبة جاءت لتحويل تحضّر الثورة في ساحة الشهداء إلى وحشيّة قنابل الغاز المسيل للدموع والرشق بالحجارة، فليقل لنا أحد ما من أين يأتون ولماذا تترك لهم الساحة على غاربها ثم تنطلق المنازلات بين قوى مكافحة الشغب والشغب نفسه؟!

 

أغرب صوت سمعناه بالأمس كان صوت بهاء الحريري الذي اعتبر أنّ «الاحتجاجات في بيروت هي رفض واضح لفرض أمراء الحرب والميليشيات وحلفائهم لدمية سياسية (الرئيس المكلّف مصطفى أديب)» فيما عرّف الشغبيّون عن أنفسهم بالآتين من البقاع وهم يكيلون الشتائم للرئيس سعد الحريري، فأيّ مفارقة هذه تكرّرت حتى الآن عشرات المرّات؟!

 

لا ثورة ولا من يثورون، لم يعد يجدي استئناف الثّورة نشاط اندلاعها ولا العودة إلى الشّوارع والسّاحات من جديد، نشكّ في ذلك، هل بإمكان هذه المنظومة السياسيّة الوقحة أن تنقذ لبنان وشعبه؟ أيضاً نشكّ في ذلك!! الحل في ضغط شعبي لبناني واسع يلاقي دعوة غبطة البطريرك بشارة الراعي في دعوته إلى تطبيق سياسة الحياد لحماية لبنان، لم يعد أمام اللبنانيين سوى هذا الخيار الأخير لتحريك الأفق وفتح طاقة ضوء علّها تنقذهم وتنقذ البلاد، إن كان لا يزال الإنقاذ ممكناً، وعلى القيادات الروحيّة المعنيّة أن تلاقي البطريرك الراعي لفرض الحياد سياسة راسخة، ولنكن كلّنا مع غبطته في تهمة الخيانة سواء على ألسنة عملاء إيران!

 

من الآن وحتى يعود الرئيس ماكرون بعد ثلاثة أشهر قد لا يتغيّر علينا شيء، فقد تحوّل لبنان بالتدريج إلى «إيران لاند»، وأننا تحت وطأة احتلال إيرانيّ ناعم، وأّنّ حزب الله يرتقب الوقت المناسب لإعلان «الجمهوريّة الأسلاميّة في لبنان» والأمر لطالما كان أخطر من أن يخبرنا الاتحاد الأوروبي في نيسان الماضي بأن لبنان بات يخضع بكلّ مجالاته لسيطرة حزب الله، في الحقيقة على الاتحاد الأوروبي أن يكون دقيقاً أكثر في عبارته، لبنان يخضع بكل مجالاته للاحتلال الإيراني التامّ!

 

الأيام المقبلة كفيلة بفضح النوايا اللبنانيّة التقليديّة عند تشكيل الحكومة واختيار أكفّاء لينهضوا بمهامّ الإصلاح، وحده ملفّ الكهرباء وخروج وزارة الطاقة من يدِ جبران باسيل ومستشاريه وبواخر الفيول ونهبِ مليارات الدولارات عبر أكبر مزراب هدر عرفه لبنان في مئويته، يعتقد أرباب الفساد في لبنان أنهم «فلهويّون» قد لا يشعرون هذه المرّة أنّ اللعبة انتهت، وأنّه لم يعد هناك أيّة أموال ليقوموا بنهبها، مع ملاحظة أنّ أحداً لن يكون بمقدوره محاكمتهم ولا استرداد أموال الشعب المنهوبة، جلّ ما نستطيع أن نفعله هو الانتظار والمراقبة فقط لا غير!