توافق بين عون والرئيس المكلف على إنجاز التأليف في أقل من أسبوعين لخطورة الأوضاع
فعلت تهديدات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فعلها، بعدما لوّح للقيادات إذا فشلت بالإصلاح بأنه سيكون مضطراً لفرض عقوبات والتشهير بالذين يعرقلون عملية الإصلاح في لبنان .حيث كان لافتاً انصياع الجميع إلى طلبات ماكرون التي تضمنتها الورقة الفرنسية التي قدمت للمسؤولين اللبنانيين، تحت عنوان «برنامج الحكومة اللبنانية الإصلاحي»، وهو سيشكل تقريباً الرسم التشبيهي لبيان الحكومة الجديدة. وهذا ما بدا بوضوح من خلال الاستعداد غير المسبوق إذا صح التعبير من جانب رؤساء الكتل النيابية الذين أبدوا الاستعداد لمساعدة الرئيس المكلف على تسهيل مهمته، مؤكدين أن لا طلبات تقدموا بها، في وقت كان لافتاً أيضاً أن أياً من من هذه الكتل لم يطالب بحقيبة محددة بعينها، على غرار ما كان يحصل في عمليات تأليف الحكومات في السنوات الماضية، الأمر الذي كان يؤخر التأليف أشهراً.
والسؤال الذي يطرح نفسه، أما كان بإمكان هذه الطبقة السياسية أن تتجنب هذه «العصا» الفرنسية التي حملها معه الرئيس ماكرون، مهدداً ومتوعداً؟ وألا يخجل المسؤولون اللبنانيون من أن يتم التعامل معهم بهذه الطريقة المحرجة، كي تستقيم الأمور ويلتزموا بما هو مطلوب منهم للسير بالإصلاحات التي تتطلبها عملية الإنقاذ؟ ولماذا دائماً ينصاعون لأوامر الخارج حتى تفرض عليهم الإملاءات، في وقت اعتقد الشعب اللبناني أن المتحكمين به قد خرجوا من عباءات الوصايا الإقليمية والدولية . وليس أدل على ذلك هذه «القناعة» المفاجئة التي هبطت على القوى السياسية التي كانت تضع البلد أشهراً تحت رحمتها، وتعرقل التشكيل الحكومي، حتى تحصل على ما تريده من حقائب، في حين كان آخرون يرفضون التنازل عن هذه الحقيبة أو تلك، لاعتبارات طائفية ومذهبية لا تقنع أحداً.
رغبة فرنسية بتشكيل حكومة اختصاصيين بعد ان فقدت الثقة بالقيادات السياسية
وبعبارة أدق، فإن حزم الرئيس الفرنسي في التعامل مع الملف اللبناني، قد عرى الطبقة السياسية المتحكمة بالبلد، عندما حملها مسؤولية الانهيار المحتم الذي يواجهه لبنان، جراء فسادها وإفسادها على مدى العقود الماضية، فكان أن انصاع الجميع لأوامره. وهذا ما ظهر جلياً من خلال تحديد موعد الاستشارات الملزمة على وجه، السرعة والتوافق على تسمية السفير مصطفى أديب رئيساً مكلفاً تشكيل الحكومة التي يتوقع أن ترى النور في غضون أسبوعين، إذا سارت الأمور وفق ما هو مرسوم لها، في وقت كانت الحكومات في لبنان تؤلف في السنوات الماضية بطريقة قيصرية، وبعد أشهر من المفاوضات المضنية من إجل إرضاء هذا وذاك من المسؤولين الذين كانوا يعرقلون التأليف إلا بعد حصولهم على ما يريدون.
وفيما ألمح الرئيس المكلف إلى نيته تشكيل حكومة اختصاصيين، فإنه ووفقاً لمعلومات «اللواء» فإن هذا التوجه الذي عبر عنه الرئيس أديب، إنما يعكس رغبة فرنسية عبر عنها الرئيس ماكرون في لقاءاته مع القيادات اللبنانية، باعتبار أنه لم يعد لباريس ثقة بالقيادات السياسية في لبنان التي أوصلت البلد إلى هذه الحالة من الانهيار والتردي على مختلف الأصعدة. ولذلك فإن جهود الرئيس المكلف ستنصب على المجيئ بشخصيات كفوءة وقادرة على إنجاز الإصلاحات التي تشكل تحدياً كبيراً في المرحلة المقبلة. وقد علمت «اللواء» أن المكونات النيابية أبدت كل الاستعداد لتقديم الدعم للرئيس المكلف لإنجاز مهمته في وقت قريب . وهو على هذا الأساس سيحاول في الأيام القليلة المقبلة على جوجلة مجموعة من الأسماء التي بحوزته من ذوي الخبرة والاختصاص، على أن يقدمها لرئيس الجمهورية ميشال عون في الأيام المقبلة.
وتشير المعلومات إلى أن التوافق تام بين الرئيس عون والرئيس المكلف على ضرورة الإسراع في تأليف الحكومة وفي مهلة قد تكون أقل من الأسبوعين، لأن وضع البلد لا يحتمل التأجيل، وهذا ما حذّر منه الرئيس ماكرون، ولذلك فإنه وبحسب المعلومات المتوافرة فإن حركة مشاورات مكثفة ستبدأ في الأيام المقبلة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، بهدف التوصل إلى التشكيلة العتيدة، خاصة وأن جميع الأطراف كانت متجاوبة، وحرصت على تسهيل مهمة التشكيل من أجل مصلحة البلد، وسعياً من أجل الخروج من هذا المأزق الذي يهدد الجميع، سيما وأن هناك مواكبة فرنسية مستمرة للخطوات التي سيقوم بها لبنان على صعيد الإصلاحات الضرورية التي يتوجب القيام بها.