Site icon IMLebanon

إستشارات ماكرون وحكومته

 

الحلقة الثانية من الإستشارات تكرار بائخ للحلقة الأولى. الأولى يجريها رئيس الجمهورية لدى استقباله النواب زرافات ووحدانَ، فيستمع الى اقتراحاتهم، وخصوصاً الى تسمياتهم التي سيكون مُلْزَماً بتبنّيها في إعلانه إسم الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة. الحلقة الثانية من الإستشارات تسمّى مشاورات غير مُلْزِمة، يلتقي خلالها الرئيس المكلّف الزرافات نفسها والمُنفردين أنفسهم، فيستمع الى مطالبهم التوزيرية حصصاً وأسماء، وغالباً ما تتحوّل هذه المطالب الى عُقَدٍ تحتاج الى طبّاخين أقوياء لحلحلتها.

 

في السنوات الأخيرة لم يعد لصيغة الإستشارات الملزمة أي معنى. جرى إفراغ الإلتزام القانوني من مضمونه. عاد إصبع غازي كنعان مُعلناً، في حفل عشاء، التمديد لصاحب الفخامة المقاوم، يلوح في الأجواء، مثلما عرف النواب وقادتهم بخيار التمديد لالياس الهراوي عبر حديث لحافظ الأسد الى صحيفة مصرية…

 

حوَّلت قوى السلطة في تبعيتها واستتباعها، النصّ الدستوري فولكلوراً. رئيس الجمهورية يُتّفَقْ عليه مُسبقاً وإلّا لا رئيس في القصر، ورئيس الوزراء يُطبخ قبل الإستشارات. في الحالتين، لا انتخابات ولا استشارات ولا من يختارون بحرّية.

 

دخل الرئيس ماكرون الى أرضٍ محروقة بكل المعاني. محروقة دستورياً ومحروقة بفِعل تفجير العاصمة. ولولا تدخّله ما كان سيُتاح لنا مشاهدة هذه السرعة في التغيير الحكومي المبرمج. ففي الأساس، كانت القوى المُمسِكة بالسلطة قد أسقطت حكومتها الشخصية عبر استمرارها باعتبار أزمة البلد مسألة سفارات وانفجار المرفأ حادثاً مؤسفاً. وهي واصلت مناكفاتها حتى داخل حكومة اللون الواحد التي بدأت بالتفكّك قبل الإنفجار، وتابعته بعده، في حملة اتّهامات بالشنط والعمولات بين بعبدا وعين التينة لم تُعرف نهايتها بعد.

 

دخل ماكرون حكماً وحاكماً، قال لهم كفى، فإفرنقع اللاعبون. نصح برئيس وحكومة في أسبوعين، وضع لها برنامجها وأخذ تعهّداً من الجميع الذين سيخضعون للمحاسبة قبل نهاية السنة.

 

الإستشارات أجراها الفرنسيون هذه المرّة وكذلك المشاورات، علَّ اللبنانيين يتعلّمون بعد مئة سنة على قيامة بلدهم كيف يديرون هذا البلد.