دخل لبنان في المنظومة الدولية من خلال وضع اليد عليه من قبل المجتمع الدولي، وذلك ما ظهر بوضوح خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي فرض أجندته على كل الطبقة السياسية من دون استثناء، وذلك ما برز في استشارات التأليف في عين التينة من خلال مواقف رؤساء الكتل، ما أكد بأن هناك التزاماً صارماً بما أملاه عليهم الرئيس الفرنسي. ووفق المعلومات الوثيقة، فإن هذه المسألة ستنسحب على مسار التأليف، والمعطيات المتوافرة تشير إلى أن اللقاءات المكثّفة، والتي تستمر ليلاً نهاراً، قطعت شوطاً كبيراً في عملية اختيار الأسماء دون أي معارضة أو تعقيدات لأن الجميع يتقيّد بالورقة الفرنسية وحرفية البنود التي تضمنتها، وتحديداً، كما ينقل أحد الذين شاركوا في لقاء قصر الصنوبر عدم التدخل بكل ما يرتبط بمسألة التأليف بصلة، لذلك، فإن الحكومة ستبصر النور كما تم التوافق عليه خلال لقاء ماكرون مع القيادات والأحزاب اللبنانية.
وبالتالي، هناك أجواء بأن الرئيس المكلّف مصطفى أديب أخذ بطلبات الكتل على مستوى إنقاذ الـبلد، ولكنه لم يتحدّث مع أي كتلة بالتمثيل الوزاري أكان على صـعيد السياسيين أو أخصائيين أو الطوائف، بل ستكون له اليد الطولى عبر فريق عمل يعاونه لجوجلة وغربلة الأسماء، حيث هناك حسم لبعضها قد تم دون أن يلقى أي معارضة أو تلميح بالرفض وإعطـاء الملاحظات كما كـانـت الحال في كل الحكومات المتعاقبة منذ ما بعد الطائف.
من هذا المنطلق، فإن التوافق الإقليمي والدولي بدعم جهود باريس بحل المعضلة اللبنانية شبه محسوم خلافاً لكل الشائعات التي تؤكد بأن هناك رفضاً أميركياً أو سواه، فهذا التوافق ينسحب على ضرورة الإسراع في ولادة الحكومة والبدء بالعملية الإصلاحية، ولكن الخلافات أو التباينات محصورة بأمور استراتيجية من خلال الصراع الدائر في المنطقة وتشعباته وتداعياته وتعقيداته، خصوصاً على صعيد الواقع اللبناني وحالة الإنقسام العامودية بين مكوّناته كافة، لكن ذلك لم يؤثّر على صعيد المساعي الآيلة إلى تشكيل الحكومة، وبمعنى آخر فكل بنود الورقة التي عرضها ماكرون في قصر الصنوبر أمام القيادات اللبنانية متّفق عليها وبإجماع دولي وعربي.
وعلى خط موازِ، يتوقّع وفق المعلومات المتأتية من أكثر من طرف سياسي، أن يصار في المرحلة المقبلة إلى بروز مؤشّرات تصادمية، وذلك ربطاً بالإنتخابات الرئاسية الأميركية لأهداف ودواع إنتخابية تتطلبها الظروف المحيطة بالإدارة الأميركية، وبناء عليه يلاحظ أن الإعتداءات الإسرائيلية في الأيام الماضية بلغت مراحل تتّسم بالخطورة وقد تعدّى نطاقها الخطوط الحمر، ومن الطبيعي أن لبنان سيتأثر بهذه الموجات لجملة ظروف واعتبارات نظراً لحدوده المفتوحة على مواقع الإشتباك الإقليمي والدولي.
وإنما وفق جهات ديبلوماسية بارزة ، فان الامور لن تخرج عن مسارها وعلى وجه الخصوص في ما يتعلق بنتائج زيارة الرئيس الفرنسي للبنان وكل ما طلبه من المسؤولين اللبنانيين، ولا سيما لجهة الورقة الإصلاحية والتي ستنفذ بحذافيرها بمعزل عن كل ما يجري في المنطقة من خلافات وحروب وتأثر لبنان بها ، لأن ما جرى من اتصالات مكثّفة على خط عواصم القرار فالإجماع كان حاسماً لدعم جهود ومساعي ماكرون في كل ما يقوم به لإنقاذ لبنان.