IMLebanon

ماكرون… والمبادرة “الكريمة”

 

لا تمتلك المبادرة الفرنسية للتسوية في لبنان ما امتلكته “المبادرة السورية الكريمة” إبتداءً من حركة عبد الحليم خدام وصولاً الى اللواء رستم غزالي.

 

تمكنت المبادرة “الكريمة” تدريجياً من وضع يد نظام الاسد الأب والإبن على لبنان، وفرضت فيه وله قيادات سياسية مطواعة عموماً، وعززت نظاماً من الزبائنية الطائفية، وأوغلت في بناء الأسس المذهبية لسلطة تابعة، استعداداً لما سيأتي من الأيام.

 

كان خدام في بدايات النزاعات اللبنانية “الفلسطينية” يتنقل بين قوى الصدام الرئيسية. هو فلسطيني مع الفلسطينيين، و”وطني” مع الحركة الوطنية، و”لبناني” مع الجبهة اللبنانية. الّا انه في الواقع كان يسعى، كممثل لحافظ الأسد، لإغتنام الفرص وفرض الهيمنة على البلد. ولتحقيق ذلك توالت الخطوات الضاغطة المواكبة. كلُ جولة وساطة سيواكبها دخول فصيل من الصاعقة، وكل فكرة جديدة ستكون مسنودة بـ”جيش التحرير الفلسطيني” السوري، وبمجزرة هنا وهناك في الأطراف، وصولاً الى ساعة الصفر في صيف 1976، ودخول القوات السورية شخصياً ومن دون قناع، ثم كان ما كان مما يذكره الجميع.

 

توفرت كل الأسنان للمبادرة “الكريمة” التي غابت عنها أي رؤية اقتصادية أو إجتماعية. على العكس من المبادرة الفرنسية بعد 45 عاماً، التي تكتفي بالنصح والإرشاد، وبحزمة إغراء مالية اقتصادية يمكن ان تُغري الناس وليس حكامهم.

 

“الأسنان” الفرنسية الناعمة يمكنها ان تحلّ محل نار الوسطاء من رُسُل الأسد. ولا يبدو بعد التجارب المريرة أن هناك حاجة لحماوةٍ يهوّل بها طرفٌ بعينه، فالرد عليه ليس من صنف تهويله، وإنما بأسفٍ وأسى على بلد أُبتليَ بسادةٍ ينكرون عليه حقه بالعيش الطبيعي.

 

كانت حركات خدام وأتباعه اشبه في الشكل بسلوك هنري غورو قبل مئة عام، لكن الفرق ان غورو أسهم في تأسيس بلد بينما الآخرون ذهبوا في تحطيمه الى الحد الأقصى. وماكرون اذ يهتم اليوم لمصير لبنان، فإنه يستعيد عناد غورو… من دون أساطيله.