Site icon IMLebanon

بين اتهامات الرئيس ماكرون ورد السيد حسن عليها

 

الرئيس ماكرون أوضح منذ البداية هدفه من مبادراته على الساحة اللبنانية: إنقاذ لبنان من مسيرته الأكيدة نحو «جهنم» وفق التعبير العفوي والواقعي في آن الذي أطلقه الرئيس عون، ذلك أن فرنسا بأجوائها العامة المضمخة بالوجود اللبناني الواسع بمواطنين فرنسيين من أصل لبناني، بعضهم وصل بكدّه وتفوقه إلى مراكز حساسة ومسؤولة في التركيبة الحكومية والإدارية الفرنسية، دون أن يقلل ذلك من نبل وتجرد اللهفة الفرنسية المشكورة تجاه لبنان واللبنانيين في شيء وأن يكون للرئيس ماكرون مصالح محددة لبلاد، ناتجة عن جملة من الصراعات الدولية، تنحو إليها بلدان وتكتلات رئيسية سعيا وراء المصالح والنفوذ واقتسام الإستراتيجيات الهامة بأماكنها المختلفة. هذه كانت وما زالت سنّة الصراعات بين الدول والشعوب، ونصيبنا منها اليوم، ما يدور على ساحاتنا الصغيرة المنمنمة والحافلة بالتنوعات والتناقضات والصراعات، فعلى الساحة اللبنانية الغارقة في انقساماتها الطائفية والمذهبية، حطّت في ربوعنا جملة من الصراعات ذات الطابع الدولي والإقليمي، برعاية عظمى من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا القادم المستجد إلى منافسات هذه الساحة، والقادم الطموح إلى استعادة مداه العثماني، دون أن نغفل، الوجود الإيراني المستشرس متمثلا في هذه الأرض المنكوبة، بذراعه الأساسي، حزب الله، ولواحقه دون أن ننسى ذلك الحاضر الناضر، والمتلهف إلى التهام الأرض والمصالح والخيرات العربية، إسرائيل، التي تسلحت بالجنوح الإيراني وطموحاته وأخطاره على الأرض العربية، دولا وخيرات ومؤسسات، وها هو الخوف من الأخطار الفارسية المطعمّة بالجنوح المذهبي المتطرف يدفع العديد من البلاد العربية، إلى الصلح والتطبيع مع عدوّها التاريخي إسرائيل، وسط امتعاض عربي مكبوت، وتصفيق وتأييد كوشنير، صهر الرئيس ترامب العزيز، والمعبّر الأساسي عن ولهه بالصهيونية، إنطلاقا من أجواء مسيحية انجيلية تؤمن بمستقبل يعود فيه المسيح المنتظر إلى الوجود بعد اكتمال التكوين الإسرائيلي الصهيوني، أرضا ودولة وتسلطا على هذه المنطقة التي نكبت به وبوجوده وطموحاته غير المحددة، وبانتظار هذه العودة، فإن التأييد والتصفيق الإنجيلي الأميركي لدولة إسرائيل مستمر ومتفاقم.

 

ونعود إلى وضعنا الداخلي في لبنان، بعد أن وصلت بنا الأحوال إلى ما نحن فيه من جهنم، وبئس الحاضر والمستقبل والمصير. بلد مثقل بسيّىء الأوضاع، غارق في لجج ومستنقعات النهب والسرقة والتحاصص المستميت، وزاد في طنبوره نغما، ذلك الإنفجار النووي الذي أخذ في مجرّته وجريرته، لؤلؤة العواصم بيروت فأوقع عليها أرضا ومواطنين ومؤسسات، جملة من الأقدار القاسية خبأها لها المخبئون في أحد مكامن ميناء بيروت التي أفرغت من معظم علاقاتها بالدولة اللبنانية وإداراتها وأمنها وسلامتها، واستحضرت إليها مواد متفجرة لا نظير لكمياتها وأخطارها وأضراراها في العالم، وخلا ذلك المكان اللعين والموبوء بالشبهات القاتلة، من أية كاميرا إستطلاعية توضع عادة في العنابر حرصا على أوضاعها وسلامتها وحسن سيرها الإداري والأمني، وها هي التحقيقات جارية على المستوى الأميركي والفرنسي سعيا إلى الوصول إلى حقيقات ومستحقات ما جرى وما كان، ومن هو المسؤول عن وضع تلك المتفجرات النووية في هذا المكان المعزول والمشبوه، وها نحن بانتظار تحاليل المختبرات الدولية (بعد أن نكاد أن نفقد الأمل بأي تحقيق محلي، الإداري منه والقضائي) طالما أن ذوي الشأن المسؤول في هذا البلد المنكوب، قد نالهم من الأوصاف والإنتقادات والشتائم والإتهامات كميات هائلة أطلقها في وجوههم جميعا الرئيس ماكرون، الذي أفرغ ما لديه من محبة جامحة تجاه لبنان وسلامة شعبه وأرضه ومصيره، فلم يلق إلاّ ما أطلق عليه صفة الغدر والخيانة سواء تجاه مساعيه الإنقاذية المعروفة أمام تصرفات مسؤوليه ذكر أنهم الذين أغرقوه بالوعود والإلتزامات المعسولة تمكينا له من إطلاق لبنان من مرقده المميت وافلاسه القائم ومصيره المشكوك بديمومته.

 

لقد تولى حزب الله ممثلا بأمينه العام الرد التفصيلي على أقوال واتهامات الرئيس ماكرون ولن ندخل في تفاصيل هذا الرد الدفاعي افساحا في المجال أمام الجهود الحالية والمقبلة باتجاه حلحلة الأوضاع اللبنانية المتداعية والخطيرة، خاصة في المجال الإقتصادي والمالي فأكثر ما نحتاجه في هذه الأيام، تهدئة شاملة وتحويل مجرى الأحداث بالاتجاه الإيجابي، آخذين بعين الاعتبار أن هذا الأمر بات في المرحلة القائمة، بعيد الإحتمال مع تأكيدنا على مواقعه الإقليمية التي تتحكم حتى الآن بمقاليد الأوضاع والتطورات. الرئيس ماكرون أمهل الجميع مجددا ولمدة طويلة قد تذهب إلى حدود الإنتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة وهذا مؤشر مقلق على أكثر من توقع وأكثر من احتمال، ونحن نعلم سلفا أن بديل الإمتثال إلى المهلة الجديدة هو ما نحن فيه فعلا منذ الآن «وبشّر» به، الرئيس عون، بواقع جهنمي، فبئس البشرى وبئس المصير.